فأجزته بما ليَ من التآليف والآثار، وما رويته عن مشايخي الأخيار، صانه الله في (؟ عن) عين الكمال وحماه، وقلَّد جيد مجده بفرائد حلاه." ١ هـ.
وها أنا أذكر الآن المقدمة التي كنت هيأتها لكتابي (إقليد الخزانة) وقد حذفت من النسخة المطبوعة في لاهور وهي:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه، المتمسكين بحبله المتين والمتحزبين بحزبه، وسلم. وبعد فإن خزانة الأدب لعبد القادر البغدادي اشتمل على لباب نفائس الصحف والأسفار، وضنينات الدهور والأعصار، وعجب لعمري عاجب أن تكون بقيت بعد هاتيك الفتن المتوالية، ونوائب نحو مسلمي الأقطار ناحية، وبعد دول دالت، ونعم زالت، في عصر طمس فيه أعلام العلوم وصُواها، وصوَّح نبتُها على رُباها، ونضبت نضارتها، وزالت غضارتها، بعد أن كانت أثمارها يانعة، ومحاسنها رائعة. إلَّا أن يأخذ بيد الإِنسان من الله قائد توفيقه، ويجتمع عنده طرفًا نقيضٍ الجِدُّ في سبيل العلم وطريقه، والمال الوَفر، والكنز الدَثر، وأنَّى يجتمعان عنده وبينهما كما بين الضب والنون، أو يتداركه الله بفضل منه غير ممنون ..
ولمَّا أجلتُ فيه نظري أعوز عليَّ جمع ما انتثر من فرائده، واعتاصَ عليَّ سبي مخدَّرات خرائده، من كثرتها ووفرتها.
هبه حواها من فرط ولعه بالكتب، وحازها ولو من منال العيُّوق ومناط سائر الشُهُب، فأنَّى غابت غيبوبة ماء مأربَ في رملها، وتبدَّدت بعد اجتماع شملها، وتناثرت دررها، وانحلت صررها، وشعثت طررها، وكسفت غررها؟ وكيف انثلم بعد صدعها المرؤوب، وأُبيح حماها الغير المقروب؟.
وإذ كانت ذهبت أو بادت، وتلاشت أو كادت. عزمت على أن أضع لما حازه من نفائس الأعلاق المنتثر نظامها الآن في أعماق الآفاق، سواءً رآها وحواها، أو ألمَّ بذكرها عُرُضًا وما دراها ولا تلاها، فهرستًا حافلة تضطبن عالي الأسفار وسافله مع إصلاح ما حرفته أيدي النساخ بالاعتوار أو ذلَّ فيه قلم صاحبنا على الاضطرار على ما يمر بك بعض أمثلته، حين ننشر مطاوي أرديته.