للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بخلاف الصبي، لأن الكبير يقدر على إمساك ما يقاربه بخلاف الصبي. قال المصنف في نكته: ومحل الخلاف في المال إذا لم يكن في دارٍ، فإن كان في دارٍ وبِقُربِهِ منها مالٌ فهو لَهُ مع الدارِ، ولم يتعرض الأصحاب لضبط القرب والبعد والمحال عليه في ذلك العرف، فَإن لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ، أي لا عمومًا ولا خصوصًا، فَالأَظْهَرُ أَنَّهُ يُنْفَقُ عَلَيهِ مِنْ بَيتِ المَالِ، أي من سهم المصالح؛ لأنَّ عُمَرَ استشارَ الصحابة في نفقة اللقيط فأجمعوا على أنها في بيت المال (٢٢٥)، وسواء المحكوم بإسلامه وكفره على الأصح، إذ لا وجه لتضييعه، والقول الثاني: يستقرض له الإمام من بيت المال أو من آحاد الناس، فإن تعذر جمع الأغنياء وعدّ نفسه منهم وقسطها عليهم، لأنَّ مَال بَيتِ الْمَالِ يُصْرَفُ إلى ما لا وجه له سواه، واللقيطُ يجوزُ أنْ يكون رَقِيقًا فنفقتهُ على سَيِّدِهِ أو حُرًّا له مالٌ أو قريبٌ فنفقته في مالِهِ أو على قريبِهِ، فَإن لَمْ يَكُن، أي فيه


(٢٢٥) * حديث عمر: (أَنَّهُ اسْتَشَارَ الصَّحَابَةَ في نَفَقَةِ اللَّقِيطِ، فَقَالُوا: في بَيتِ المَالِ) قال ابن حجر في تلخيص الحبير: ج ٣ ص ٩٠: كتاب اللقيط: الحديث (٣) منه: وكذا أورده الماورديُّ الحاوي والشيخ في المهذب، ولم يقف على أصله. قال: ولكن لم ينقل أن أحدًا من الصحابة أنكر عليه. انتهى.
* قال الشافعيُّ رَحِمَهُ الله تَعَالى: (فَإنْ لَمْ يُوْجَدْ لَهُ مَالٌ وَجَبَ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيهِ مِنْ مَالِ اللهِ تَعَالى، فَإنْ لَمْ يَفْعَل حَرُمَ تَضْيِيعُهُ عَلَى مَنْ عَرَفَهُ حَتَّى يُقَامَ بِكَفَالتِهِ، فَيَخرُجُ مَن بَقِيَ مِنَ المأَثَمِ). ينظر: الحاوي الكبير شرح مختصر المزني: كتاب اللقطة: باب التقاط المنبوذ: ج ٨ ص ٣٨.
* قال الماوردي في الحاوي الكبير: وهذا كما قال. إذا التقط المنبوذُ فقيرًا لا مَال لَهُ، ولم يتطوع أحدٌ بالنَّفَقَةِ عليه. وَجَبَ على الإمام الأَعْظَمِ أو مَنْ ينُوبُ عَنْهُ مِنْ وَالٍ أوْ حَاكِمٍ أنْ يقومَ بنفقته لأنَّها نَفْسٌ يجبُ حراستها ويحرُمُ إضاعتها. ومِن أَينَ ينفقُ الإِمامُ عليه فيه قولانِ: أحدُهُما: وهو الأصحُّ: مِن بيت المالِ، لأَنَّهُ رُصِدَ للمصالح، وهذا منها وقد روى عن عمر بن الخطاب رضوان الله عليه أنه قال: (لَئِنْ أصَابَ النَّاسَ سَنَةٌ لأُنْفِقَنَّ عَلَيهِمْ مِن مَالِ اللهِ حَتَّى لَا أجِدَ دِرْهَمًا، فَإِذَا لَمْ أَجِدْ دِرْهَمًا أَلْزَمْتُ كُلَّ رَجُلٍ رَجُلًا) وقد استشار عمر - رضي الله عنه - الصحابة - رضي الله عنهم - في النفقة على اللقيطِ فقالوا: مِن بيتِ المالِ. إ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>