للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دون شيء، وهذا ما نصَّ عليه في الأُمِّ والمختصَرِ، وحكاهُ في الشامل والبيان عن أكثرهم، والأَوَّلُونَ أَوَّلُواْ هذا النصَّ وجعلوه تأكيدًا لا شرطًا، وَيَجِبُ ذِكْرُ سَبَبِ الْجَرْحِ، أي بخلاف التعديل لأن أسبابه مختلف فيها، وَيَعْتَمِدُ فِيْهِ، يعني في الجرح، المُعَايَنَةَ أَوِ الِاسْتِفَاضَةَ، أي بأن رآه يزني أو يشرب الخمر؛ والسماعُ كما ذكره في الْمُحَرَّرِ: بأن يسمعه يَقْذِفُ أو يُقِرُّ على نفسه بالزنا؛ أو الاستفاضة أي وكذا خبر التواتر لحصول العلم، ولا يجوز الجرح بناء على خبر عدد يسير، لكن يشهد على شهادتهم بشرط الشهادة على الشهادة، وَيُقَدَّمُ، أي بينة الجرح، عَلَى التَّعْدِيْلِ، لأن معه زيادة علم، فَإِنْ قَالَ الْمُعَدِّلُ: عَرَفْتُ سَبَبَ الْجَرْحِ وَتَابَ مِنْهُ وَأصْلَحَ قُدِّمَ، لما ذكرناه، ويقدم أيضًا فيما إذا شهد بجرحه ببلد ثم انتقل إلى غيره فعدله آخران فيها وهو ظاهر إذا كان بين انتقاله من الأول إلى الثاني مدة الاستبراء وإلاّ لم يقدم، وَالأَصَحُّ أَنَّهُ لاَ يَكفِي فِي التَّعْدِيْل قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: هُوَ عَدْلٌ، وَقَدْ غَلِطَ، فيما شهد به بل لا بد من البحث والتعديل لحق الله تعالى ولهذا لا يجوز الحكم بشهادة فاسق، والثاني: يحكم بشهادتهما بلا بحث؛ لأن البحث لِحَقِّهِ وقد اعترف بعدالتهما.

بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ

هُوَ جَائِزٌ، للحاجة إليه، إِنْ كَانَ، عَلَيْهِ، بَيِّنَةٌ، وإلا فلا فائدة لهذه الدَّعْوَى، وَادَّعَى الْمُدَّعِي جُحُودَهُ، فَإنْ قَالَ: هُوَ مُقِرٌّ لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَتُهُ، لأنها لا تقام على مُقِرٍّ، وِإِنْ أَطْلَقَ، أي ولم يتعرض لجحوده ولا لإقراره، فَالأَصَحُّ: أَنَّهَا تُسْمَعُ، لأنه قد لا يعلم جحوده في غيبته ويحتاج إلى الإثبات فجعلت الغيبة كالسكوت، والثاني: لا تسمع إلا عند تعرض الْبَيِّنَةِ للجحود؛ لأن البَيِّنَةَ إنما يحتاج إليها عنده، وَأَنَّهُ لاَ يَلْزَمُ الْقَاضِي نَصْبُ مُسَخَّرٍ، أي بفتح الخاء المشددة، يُنْكِرُ عَنْ الْغَائِبِ؛ لأن الغائب قد يكون مُقِرًّا فيكون إنكار المسخر كذبًا، والثاني: يلزمه لتكون البيّنة على إنكار منكر، وَيَجِبُ أَنْ يُحَلِّفَهُ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ أَن الْحَقَّ ثَابِتٌ فِي ذمَّتِهِ، احتياطًا للمحكوم

<<  <  ج: ص:  >  >>