للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه، لأنه لو حضر لربما ادّعى ما يبرئه، وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ، لأن باب التدارك إن كان هناك دافع غير مُنْحَسِمٍ، وَيَجْرِيَانِ فِي دَعْوَى عَلَى صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ، أي وكذا ميّت، والوجوب فيهم أولى لعجزهم عن التدارك، وَلَوْ ادَّعَى وَكِيْلٌ عَلَى غَائِبٍ فَلاَ تَحْلِيْفَ، أي بل يعطى المال إن كان المدّعى عليه هناك مال؛ لأن الوكيل ليس له أن يحلف لفعل غيره.

وَلَوْ حَضَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهَ وَقَالَ لِوَكِيْلِ الْمُدَّعِي: أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُكَ! أُمِرَ بِالتَّسْلِيْمِ إِلَى الْوَكِيْلِ، لأنّا لو وقفنا الأمر إلى أن يحضر الموكل لانْجَرَّ الأمرُ إلى أن يتعذر استيفاء الحقوق بالوكالة، وله أن يثبت الإبراء بعد أن كانت له حجة.

وَإذَا ثَبَتَ مَالٌ عَلَى غَائِبٍ؛ وَلَهُ مَالٌ! قَضَاهُ الْحَاكِمُ مِنْهُ، لأنه حقٌّ وجبَ عليه وتعذر وفاؤه من جهة من عليه فقام الحاكم مقامه، كما لو كان حاضرًا فامتنع، وَإِلاَّ، أي وإن لم يكن له مال حاضر، فَإِنْ سَأَلَ الْمُدَّعِي إِنْهَاءَ الْحَالِ إِلَى قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ؟ أَجَابَهُ؛ فَيُنْهِي سَمَاعَ بَيِّنَةٍ لِيَحْكُمَ بِهَا ثُمَّ يَسْتَوْفِي الْمَالَ، أَوْ حُكْمًا لِيَسْتَوْفِي، وَالإِنْهَاءُ أَنْ يُشهِدَ عَدْلَيْنِ بِذَلِكَ، مسارعة إلى قضاء الحقوق، ويُسْتَحَبُّ كِتَابٌ بِهِ، أي ولا يجب؛ لأن الاعتماد على الشهادة، وفائدة الكتاب تذكُّرُ الشهود وإلزام المكتوب إليه، يَذْكُرُ فِيْهِ، يعني فِي الكتاب، مَا يَتَمَيَّزُ بِهِ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ، من اسمٍ وَكُنْيَةٍ وَقَبِيْلَةٍ وَصَنْعَةٍ وَحِلْيَةٍ، وكذا المحكوم له ليسهل التمييز، وَيَخْتِمُهُ، حفظًا له وإكرامًا للمكتوب إليه، ويدفع إلى شاهدين نسخة غير مختومة ليطالعاها ويتذكرا عند الحاجة، وَيَشْهَدَانِ عَلَيْهِ إِنْ أَنْكَرَ، أي إذا وصل كتاب القاضي وحامله إلى قاضي بلد المكتوب إليهَ أُحْضِرَ الْخَصْمُ، فإن أقر بالْمُدَّعَى به؛ فذاك؛ وإلا شهد الشاهدان بحكم القاضي الكاتب، فَإِنْ قَالَ: لَسْتُ الْمُسَمَّى فِي الْكِتَابِ صُدِّقَ بِيَمِيْنِهِ، وَعَلَى الْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ بِأَنَّ هَذَا الْمَكْتُوبَ اسْمُهُ وَنَسَبُهُ، لأن الأصل عدم تسميته بهذا الاسم، فَإِنْ أَقَامَهَا، يعني البيّنة بأنه اسمه ونسبه، فَقَالَ: لَسْتُ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ لَزِمَهُ الْحُكْمُ إِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مُشَارِكٌ لَهُ فِي الاِسْمِ وَالصِّفَاتِ، لأن الظاهر

<<  <  ج: ص:  >  >>