للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَم تُذهِب أذْهِبَ، أي بالمعالجة كما سلف لإمكان الاستيفاء من غير حَيْفٍ، وفي وجه صححه البغوي واستحسنه الرافعي: أنه لا يقتص في اللطمة كما لا يقتص في الهاشمة إذا هشمه فذهب ضوؤه؛ لأنه لا قصاص في اللطمة إذا انفردت، وكذا الهاشمة أيضًا.

فَرع: لو ذهب ضوء إحدى العينين فقط، لم يلطم؛ لاحتمال ذهاب ضوئهما، بل يذهب بالمعالجة إن أمكن؛ فإن لم يمكن؛ أخذت الدية لتعذر القِصَاص.

وَالسمعُ كَالبَصَرِ يَجبُ القِصَاصُ فِيهِ بِالسرَايَةِ؛ لأن له محلًا مضبوطًا، وَكَذَا البَطشُ؛ وَالذوْقُ؛ وَالشمَ، فِي الأصَح، لأن لها محالًا مضبوطة، ولأهل الخبرة طرق في إبطالها، والثاني: المنع؛ لأن هذه المعاني لا يمكن القِصَاص فيها.

فَرع: في العقل أيضًا تردد، والأقرب منع القِصَاص فيه؛ لأنه لا يوثق بالمعالجة بما يزيله، وَلَوْ قَطَعَ أُصبُعَا فَتَآكلَ غَيْرها، فَلَا قِصَاصَ فِي المُتَأكُّلِ؛ لعدم تحقق العَمديَّة.

بَابُ كَيفِيةِ القِصَاصِ وَمُسْتَوْفِيهِ وَالاختِلافِ فِيهِ

أي والعفوُ عنهُ، فإنه قد ذكره في آخر الباب، وذكر الاختلاف فيه قبل مستوفى القِصَاص؛ ويجاب أن الواو لا تقتضي ترتيبًا.

لَا تُقطَعُ يَسَارٌ بِيَمِيْنٍ؛ لأن المقصود من القِصَاص المساواة ولا مساواة بين اليمين واليسار، وَلَا شَفَةٌ سُفْلَى بِعُلْيَا؛ لاختلاف المنافع واختلاف تأثير المحال بالجراحات، وَ، لا، عَكْسُهُ، أي لا تقطع يمين بيسار، ولا شفة عليا بسفلى، لما ذكرناه أيضًا من اختلاف المحال والمنافع، كما لا يؤخذ أنف بعين، وَلا أُنْمُلَةٌ بِأخْرَى، وَلَا زائِدٌ بِزَائد فِي مَحَلٍّ آخَرَ، أي لا تُقْطَعُ أُنْمُلَةُ أصبع بأنملة أخرى من تلك الأصابع لما ذكرناه، ولا إصبع زائدة بزائدة أخرى إذا اختلف محلهما؛ بأن كانت زائدة المجني عليه بجنب الخنصر وزائدة الجاني بجنب الإبهام بل تؤخذ الحكومة.

<<  <  ج: ص:  >  >>