للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الْقَضَاءِ

الْقَضَاءُ: بِالْمَدِّ الْوِلاَيَةُ، وَجَمْعُه أَقْضِيَةٌ كَغِطَاءٍ وَأَغْطِيةٍ، وَهُوَ فِي الأَصْلِ: إِحْكَامُ الشَّيْءِ وَفَرَاغُهُ؛ كَمَا قَالَهُ الأَزْهَرِيُّ وَيَكُونُ إِمْضَاءَ الحُكْمِ، وبِمَعْنَى أوْجَبُ وَقَدَّرَ، وبَمِعَنَى الإِتْمَامِ وَالأَدَاءِ. وَالأَصْلُ فِيْهِ مِنَ الكِتَابِ آيَاتٌ مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} (٤٩٩) وَمِنَ السُّنَّةِ أحَادِيْثُ صَحِيْحَة مَشْهُورَةٌ مِنْهَا قَوْلُهُ عَلَيهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: [إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ] مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ مِنْ حَدِيْثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ (٥٠٠).

هُوَ فَرْضٌ كِفَايَةٍ، بالإجماع كما قاله الرافعي، فَإِنْ تَعَيَّنَ، أي للقضاء، لَزِمَهُ طَلَبُهُ، أي إن لم يُعْرَضْ عليه؛ لأن به يخرج من واجبه ويلزمه بذل المال في تحصيله إن احتاج إليه، وَإِلَّا, أي وإن لم يتعين عليه، فَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَصْلَحَ، وَكَانَ يَتَوَلَّاهُ فَلِلْمَفْضُولِ الْقَبُولُ، بناء على أن الإِمَامَةَ الْعُظْمَى تنعقدُ للمفضولِ مع وجُود الفاضل وهو الأصحُّ، وَقِيْلَ: لاَ، بناء على مقابله، وقوله: (وَكَانَ يَتَوَلَّاهُ) احترز به عما إذا كان الأصلح لا يتولاه؛ فإنه كما لو لم يوجد.


(٤٩٩) النساء / ٥٨.
(٥٠٠) رواه البخاري في الصحيح: كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة: باب أجر الحاكم إذا اجتهد: الحديث (٧٣٥٢). ومسلم في الصحيح: كتاب الأقضية: باب بيان أجر الحاكم: الحديث (١٥/ ١٧١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>