للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ صَلاَةِ الاسْتِسْقَاءِ

الاسْتِسْقَاءُ: هُوَ طَلَبُ السُّقْيَا وَهُوَ أَنْوَاعٌ، أَدْنَاهُ الدُّعَاءُ بِلاَ صَلاَةٍ وَلاَ خَلْفَ صَلاَةِ، وَأَوْسَطُهُ الدُّعَاءُ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ، وَأفْضَلُهُ الاسْتِسْقَاءُ بِرَكْعَتَيْنِ وَخُطْبَتَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي.

هِيَ سُنَّةٌ، أى للاتباع غير واجبة لقصة الأعرابي (٧٦٧)، عِنْدَ الْحَاجَةِ، أي فلو انقطعت المياه ولم تمس إليها حاجة فلا تشرع، وتُسنُّ أيضًا للإستزادة على الأصح، وَتُعَادُ ثَانِيًا وَثَالِثًا، أي وأكثر كما صرح به الماوردي، إِنْ لَمْ يُسْقَوْا، لأن الله تعالى يُحِبُّ الْمُلِحِّين فِي الدُّعاء، قال أُصبغُ: استسقى للنيل بمصر خمسة وعشرون يومًا متوالية، وحضره ابن القاسم وابن وهب وغيرهما، فَإِنْ تَأَهَّبُواْ لِلصَّلاَةِ فَسُقُواْ قَبْلَهَا اجْتَمَعُواْ لِلشُّكْرِ وَالدُّعَاءِ، قال تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} (٧٦٨)، وَيُصَلُّونَ، أي شكرًا، عَلَى الصَّحِيحِ، كما يجتمعون ويدعون، والثاني: لا، لأنها لم تُفعل إلّا عند الحاجة وصحَّحهُ ابن الصلاح وقطع الأكثرون بالأول.


(٧٦٧) عن أنسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: (أَصَابَتِ النَّاسَ سَنَةٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ فَبَيْنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، قَامَ أَعْرَابِيٌّ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! هَلَكَ الْمَالُ، وَجَاعَ الْعِيَالُ، فَادْعُ الله لَنَا أَنْ يَسْقِيْنَا. قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَيْهِ وَمَا فِي السَّمَاءِ قَزَعَةٌ. قَالَ: فَثَارَ سَحَابٌ أَمْثَالُ الْجِبَالِ. ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنْ مِنْبَرِهِ حَتَّى رَأَيْتُ الْمَطَرَ يتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ. قَالَ: فَمُطِرْنَا يَوْمَنَا ذَلِكَ وَفِي الْغَدِ وَمِنْ بَعْدِ الْغَدِ وَالَّذِي يَلِيْهِ إِلَى
الْجُمُعَةِ الأُخْرَى. فَقَامَ ذَلِكَ الأَعْرَابِيُّ أَوْ رَجُلٌ غَيْرُهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ تَهَدَّمَ الْبِنَاءُ وَغَرِقَ الْمَالُ، فَادْعُ الله لَنَا، فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَيْهِ وَقَالَ: [اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا].
قَالَ: فَمَا جَعَلَ يُشِيْرُ بِيَدِهِ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ السَّمَاءِ إِلاَّ تَفَرَّجَتْ، حَتَّى صَارَتِ الْمَدِيْنَةُ فِي مِثْلِ الْجَوْبَةِ، حَتَّى سَالَ الْوَادِي - وادي قناة - شَهْرًا، قَالَ: فَلَمْ يَجِئْ أَحَدٌ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلّا حَدَّثَ بِالْجَوْدِ). رواه البخاري في الصحيح: كتاب الاستسقاء: الحديث (١٠٣٣).
(٧٦٨) إبراهيم / ٧. {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>