للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ صَلاَةِ الْعِيْدَيْنِ

قَالَ الله تَعَالَى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (٧٢٧)، قِيْلَ: الْمُرَادُ بِالصَّلاَةِ صَلاَةُ عِيْدِ النَّحْرِ؛ وَبِالنَّحْرِ الأُضْحِيَّةُ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْعَوْدِ.

هِيَ سُنَّةٌ، لمواظبته عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عليها، غير واجبة لحديث الأعرابي الصحيح: [هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: لاَ؛ إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ] (٧٢٨)، وَقِيلَ: فَرْضُ كِفَايَةٍ، لأنها من شعائر الإسلام كرَدِّ السَّلامِ، ويُستثنى من ذلك الحاج بِمِنَى فإنه لا يخاطب بالعيد، نص عليه كما نقله الماوردي في كتاب الحج.

وَتُشْرَعُ جَمَاعَةً، بالإجماع، وَلِلْمُنْفَرِدِ؛ وَالْعَبْدِ؛ وَالْمَرْأَةِ؛ وَالْمُسَافِرِ، كسائر النوافل، وَوَقْتُهَا بَيْنَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَزَوَالِهَا، وَيُسَنُّ تَأْخِيرُهَا لِتَرْتَفِعَ كَرُمْحٍ، لخروج وقت الكراهة، وإن كان لها سبباً، ويقتضي كلام المصنف الفوات إذا شهدوا بالرؤية بعد الزوال يوم الثلاثين وعدلوا بعد الغروب، وقلنا الْعِبْرَةُ بالتعديل وهو الأصح، وليس كذلك بل يصلي من الغد أداءً


(٧٢٧) الكوثر / ٢. قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: (وقالَ أخرونَ: بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ: صَلِّ يَوْمَ النَّحْرِ صَلاَةَ الْعِيْدِ، وَانْحَرْ نُسُكَكَ. وأسند عن أنس بن مالكٍ، قَالَ: [كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَنْحَرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّي، فَأُمِرَ أَنْ يُصَلِّي ثُمَّ يَنْحَرَ]: في جامع البيان عن تأويل آي القرآن: ج ١٥ ص ٤٢٣: النص (٢٩٥٤٠).
(٧٢٨) لحديث طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ يَقُولُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ثَائِرُ الرَّأْسِ يُسْمَعُ دَوِىُّ صَوْتِهِ وَلاَ يُفْقَهُ مَا يَقُولُ؛ حَتَّى دَنَا، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الإِسْلاَمِ،
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: [خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ] فَقَالَ: هَلْ عَلَىَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: [لاَ؛ إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ]. رواه البخاري في الصحيح: كتاب الإيمان: باب الزكاة من الإسلام: الحديث (٤٦). ومسلم في الصحيح: كتاب الإيمان: باب بيان الصلوات: الحديث (٨/ ١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>