للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتظاهر بها؛ لأن مصيبة الدين أشدُّ من مصيبة الدنيا، والسجود لرؤية الكافر من باب أَوْلى فأيُّ معصية أشد من معصيته، وبه صَرَّحَ الروياني في البحر، ولو لم يرهما بل علم بوجودهما كما لو حضرا في ظلمة أو عند أعمى أو سمع صوتهما من وراء جدار، فالذي يظهر استحباب السجود أيضاً، وَيُظْهِرُهَا لِلْعَاصِي، أي تعييراً له فلعله يتوب؛ اللَّهُمَّ إلاّ أن يخاف مفسدة أو ضرراً فيخفيها كما قاله في شرح المهذب، لاَ لِلْمُبْتَلَى، لئلا يتأذى به، نعم: إذا كان غير معذور كالمقطوع في السرقة أظهرها، كما قاله ابن يونس في شرحه للتعجيز، وَهِيَ كَسَجْدَةِ التِّلاَوَةِ، أي المفعولة خارج الصلاة في كيفيتها وشرائطها لما سبق في تلك، وَالأَصَحُّ جَوَازُهُمَا عَلَى الرَّاحِلَةِ لِلْمُسَافِرِ، أي بالإيماء بخلاف الجنازة لأنها تندر، فلا يشق النزول لها؛ ولأن حرمة الميت تقتضى النزول، واحترزت بالإيماء عما لوكان في مرقد وأتم السجود فإنه يجوز قطعاً، والأصح أن الماشي يسجد على الأرض كسجدات الصلاة، فَإِنْ سَجَدَ لِتِلاَوَةِ صَلاَةٍ جَازَ عَلَيْهَا قَطْعاً، أي بالإيماء تبعاً لها كما في سجود الصلاة، والخلاف السابق محله إذا أتى بالسجدة وحدها وهذا التفصيل لا يأتي في سجدة الشكر؛ لأنها لا تُفعل في الصلاة.

بَابُ صَلاَةِ النَّفْلِ

صَلاَةُ النَّفْلِ قِسْمَانِ: النَّفْلُ لغة الزَّيَادَةُ؛ واصطلاحاً مَا عَدَا الْفَرْض، سُمِّي بذلك لزيادته عليه، قِسْمٌ لاَ يُسَن جَمَاعَةً، أي لمواظبته عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ على فعله فرادى وإن كانت الجماعة فيه جائزة من غير كراهة لحديث ابن عباس في الصحيح [أَنَّهُ تَهَجَّدَ فِي بَيْتِ خَالَتِهِ مَيْمُونَةَ مُقْتَدِياً بِالنبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -] (٥٢٤)، . وَجَمَاعَةً منصوبٌ


(٥٢٤) الحديث عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: [بِتُّ لَيْلَةً عِنْدَ خَالَتِى مَيْمُونة؛ فَقَامَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلَّى مِنَ اللَّيْلِ؛ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَأَخَذَ بِرَأْسِي، فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ] رواه
البخاري في الصحيح: كتاب الوضوء: باب التخفيف في الوضوء: الحديث (١٣٨)، =

<<  <  ج: ص:  >  >>