للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الشُّفْعَةِ

الشُّفعَةُ: هِيَ بإسْكَانِ الْفَاءِ، وَاشْتِقَاقُهَا من الشَّفْعِ؛ وَهُوَ الضَّمُّ أَو الزِّيَادَةُ؛ أوْ مِنْ التَّقْويَةِ وَالإِعَانَةِ؛ أَوْ مِنَ الشَّفَاعَةِ؛ أَقْوَالٌ. وَهِيَ في الشَّرْعِ: حَقُّ تَمَلُّكٍ قَهْرِيٍّ يَثْبُتُ لِلشَّرِيكِ الْقَدِيمِ عَلَى الْحَادِثِ بِسَبَبِ الشَّرِكَةِ بِالْعِوَضِ الَّذِى تَمَلَّكَ بِهِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ، وَهُوَ ضَرَرُ مَؤُنَةِ الْقِسْمَةِ وَاسْتِحْدَاثُ الْمَرَافِقِ وَغَيرِهَا، وَقِيلَ: ضَرَرُ سُوءِ الْمُشَارَكَةِ، وَالأَصْلُ فِيهَا الإجْمَاعُ كَمَا حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ؛ وَإِنْ كَانَ فِيهِ خِلافٌ شَاذٌّ. وَمِنَ السُّنَّةِ أَحَادِيثٌ مِنْهَا حَدِيثُ جَابِرٍ [قَضَى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِالشُّفْعَةِ في كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ وَصُرِفَتِ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ] رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (١٥٥) وَادَّعَى الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ الأَخْبَارَ الْوَارِدَةَ فِي الشُّفْعَةِ مُتَوَاتِرَةٌ (١٥٦).

لَا تَثْبُتُ في مَنْقُولٍ، أي كالثيابِ والحيوانِ وَغَيرِهِمَا؛ لأَنَّ المَنْقُولَ لَا يَدُومُ وَالْعَقَارُ يَدُومُ فَيَدُومُ ضَرَرُ الْمُشَارَكَةِ فِيهِ، بَلْ فِي أَرْضٍ وَمَا فِيهَا مِنْ بِنَاءٍ وَشَجَرٍ


(١٥٥) رواه البخاري في الصحيح: باب بيع الأرضِ والدور والعروض: الحديث (٢٢١٤). وفي رواية: [كُلُّ مَالٍ لَمْ يُقسَمْ]. وأبو داود في السنن: كتاب البيوع: باب في الشُّفْعَةِ: الحديث (٣٥١٤).

(١٥٦) قال الماوردي في الحاوي الكبير: كتاب الشفعة: ج ٧ ص ٢٢٧: وَالْحُكْمُ بِالشُّفْعَةِ وَاجِبٌ بِالنَّصِّ وَالإجْمَاع إلّا مَنْ شَذَّ عَنِ الْكَافَّةِ مِنَ الأَصَمِّ وَابْنِ عَلِيَّة؛ فَإنَّهُمَا أَبْطَلاهَا رَدًّا لِلإِجْمَاع، وَمَنْعًا مِنْ خَبَرِ الْوَاحِدِ؛ وَتَمَسُّكًا بِظَاهِرِ قَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: [لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسُلِمٍ إِلّا بطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ]. وَهَذَا خَطَأ لفحش من قائله، لأَنَّ مَا رُويَ فِي الشُّفْعَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَوَاتِرًا فَالْعَمَلُ بِهِ مُسْتَفِيضٌ يَصِيرُ بِهِ الْخَبَرُ كَالْمُتَوَاتِرِ. إ. هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>