للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الْصُّلْحِ (•)

الصُّلْحُ: لغةً قَطْعُ المُنَازَعَةِ، وشرعًا مُعَاقَدَةٌ تَفْضِي إلَى إِصْلَاحٍ بَيْنَ الخَصْمَيْنِ (١١٣).

والأصل فيه قبل الإجماع، قوله تعالى: {والصُّلْحُ خَيْرٌ} (١١٤) وقول رسول الله عَلَيْهِ


(•) في نسخة (١): بابُ الصلح.
(١١٣) الصُّلح من الصّلاح وهو المعنى المراد ضدَّ الفَسَاد، والصِّلاحُ بالكسر مَصْدَرُ المُصَالَحَةِ، والاسم (الصُّلْحُ) يُذَكَّرُ ويُؤَنَثُ. والمعنى في دلالة اللفظ للاسم: ما يأتي من دلالة المُصَالَحَةِ والتَّصالح خلاف المخاصمة والتَّخاصم، أي اسم مُختصٌّ بإزالة النَّفَارِ بين الناس وايجاد السِّلْمُ، بإزالة ما أفسد الودّ والرابطة بقصد حصول الوادعة والإلفة، فأصْلَحَهُ ضِدَّ أفسَدَهُ، وأصلح إليه: أحسن. والصُّلْحُ السِّلْمُ؛ فهو لغة بهذا الاعتبار قطع المنازعة والمخاصمة بين الناس بإزالة النفار. والصُّلْحُ في المفهوم الفقهي ودلائل اصطلاح الفقهاء: هو ما يدخلُ في اعتبارات العقود؛ فهو عبارة عن معاقدة يرتفع بها النزاعُ بينَ الخصوم، ويتوصل بها إلى الموافقة بين المختلفين المتخاصمين. ووضع له العلماء تعريفات عديدة وحدود تعبر عن اصطلاحاتهم، ولا تكاد تكون مختلفة، بل هي متوافقة بالمعنى مختلفة في رسم ألفاظها. لأنها كلها تعبر عن ماهية عقد وضع لرفع المنازعة بعد وفوعها على سبيل التراضى بين الأطراف المتنازعة.
وفي تعريف ابن الملقن رحمه الله معنى جامع للدلالة اللغوية والدلالة الفقهية على الواقع؛ لتشمل معنى قطع المنازعة ورفع الخصومة؛ وتشمل معنى الإحسان أو الاتفاق الَّذي ربما يؤدى إلى خصومة؛ وهو ما زاد المالكية على مدلول الفقهاء في مفهوم عقد المصالحة، وهو الصالح الوقائي، فقال ابن عرفة في حدِّ الصلح: إنه انتقال عن حق أو دعوى بعوضٍ لرفع نزاع أو خوف وقوعه. انتهى. بمعنى جواز الصلح لتوقي منازعة غير قائمة، لكنها محتملة الوقوع.
(١١٤) النساء / ١٢٨. قال الله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا =

<<  <  ج: ص:  >  >>