للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الْعَارِيَّةِ

الْعَارِيَّةُ: أصلها من عَارَ الْفَرَسَ إِذَا ذَهَبَ وَجَاءَ، ومنه قيل للغلامِ الخفيف عَيَّارٌ، ولا يصح قول الجوهري كأنها مشتقة من العَارِ, لأنَّ الشَّارِعَ فَعَلَهَا؛ وهي بتشديد الياء وتخفيفها، وَحَقِيقَتُهَا إِبَاحَةُ الانْتِفَاع بِمَا يَحِلُّ الانتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَينِهِ لِيَرُدُّهَا عَلَيهِ (١٤٤)، والأصلُ في استحبابها قبل الإجماع قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ


(١٤٤) العَارِيَةُ؛ أو الْعَارِيَّةُ: مُخَفَّفَةُ الْيَاء أوْ مُشَدَّدَةٌ عَلَى الْمَشهُورِ، وَجَمْعُهُ عَوَارِيّ وَعَوَارِيّ.
قال أهل اللغة: هي مأخوذةٌ من عَارَ الشَّيءَ يُعِيرُهُ: إِذَا ذَهَبَ وَجَاءَ. ومنهُ قيلَ للغلامِ الخفيف: عَيَّارٌ؛ وهي منسوبةٌ إلى العَارَةِ بمعنى الإِعَارَةِ. أو مُشْتَقَّةٌ مِنَ التَّعَاوُرَ، من قولهم اعْتَوَرُوا الشَّيءَ وَتَعَاوَرُوهُ، وَتَعَوَّرَهُ: إِذَا تَدَاوَلُوهُ بَينَهُمْ بمعنى التَّناوُبِ وَالتَّدَاوُلِ.
أما قول الجوهري كأنَّهَا منسوبةٌ إلى العَارِ, لأن طلبها عارٌ وَعَيبٌ، فهو ربما بما يحصل من الحرج من الطلب. وليس كذلك؛ لأنه لا حرج وقد فعلها الشارع سيدنا الرسول مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - كما سيأتي، ولو كانت عيبًا ما فعلها، ومثل هذا الاعتراض لا يأتي على ناقل اللغة. وربما اعترض عليه أَيضًا بأن أَلْف العارية مُنقَلِبَةٌ عن الواو، فإن أصلها عورية، وأما أَلْف العَارِ فَمُنْقَلِبَةٌ عن الياء بدليل عيَّرتُهُ بِكَذَا، وتلك تقول أعَرْتُهُ كَذَا.
والعارية في الاصطلاح: الإِذنُ بِالانْتِفَاع مِنَ الأشْيَاءِ مَعَ اسْتِيفَاءِ مِلْكِ الرَّقَبَةِ، وَهُوَ مَا عبَّرَ عَنهُ الْمَاوَرْدِيُّ في الْحَاوي الْكبِيرِ: ج ٧ ص ١١٦: قَال: الْعَارِيّةُ هِيَ هِبَةُ الْمَنَافِعِ مَعَ اسْتِيفَاءِ مِلْكِ الرَّقَبَةِ. وفي تعريف ابن الملقن رحمهُ الله كثير من الإيفاء بالتعبير، ويمكن أن نحدَّهُ كما يأتي: بِأَنَّ العَارِيَّةَ: هِيَ عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةِ الشَّيءِ عَلَى سَبِيلِ التدَاوُلِ مَعَ بَقاءِ مِلْكِ الرَّقَبَةِ لِتُرَدُّ مِنْ غيرِ عِوَضٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>