للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالتَّقْوَى} (١٤٥) وَفِعْلُهُ - صلى الله عليه وسلم - كَمَا سَلَفَ (١٤٦). وكانت واجبة في ابتداء الإِسلام ثم نسخت، وأفتى الزُّبيريّ بوجوبها فيما إذا كتب صاحب كتاب الحديث اسم من سمعه ورواه في كتابه، ومثله ما إذا كتب بإذنه ليكتب نسخة السماع.

شَرْطُ الْمُعِيرِ صِحَّةُ تَبَرُّعِهِ، أي فلا يَصُحُّ إِعَارَةُ الصَّبِي وَالسَّفِيهِ وَالْمَجْنُونِ؛ لأنَّهَا إِبَاحَةُ لِلْمَنَافِع فَصَحَّتْ مِنْهُ دُونَ غَيرِهِ كَإِبَاحَةِ الأَعْيَانِ، وقال الماوردي: يجوزُ للسفيهِ إِعَارَةُ بَدَنِهِ إِذَا كَانَ عَمَلُهُ لَيسَ مَقْصُودًا في كَسْبِهِ لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ بِمَالِهِ، وَمِلْكُهُ الْمَنْفَعَةَ، أي دون الرقبة؛ لأن الإعارةَ تَرِدُ عليها دونها، نعم إذا نذر هديًا أو أضحيةً له أن يعيره؛ وللإمام إعارة أراضي بيت المال وغيرها من الأعيان؛ لأن له تمليكها، وللأب إعارة ولده الصغير لخدمة لا تقابل بأجرة ولا تضر بالصبيِّ، وإن أطلق صاحب العدّة المنع منه والروياني الجواز، فَيعيِرُ مُسْتَأْجِرٌ, لأنه ملك المنفعة والموصى له بالمنفعة، لا مُسْتَعِيرٌ عَلَى الصَّحِيحِ, لأنَّهُ غَيرُ مَالِكٍ لَهَا؛ ولهذا لا يؤجر؛ فإن أذن جاز، والثاني: يعير كما للمستأجر أن يؤجر وليس بشيء, لأن لِلْمُسْتَأْجِرِ مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ، ولو قيل بالفرق بين أن توجد قرينة دالة على الإعارة فتجوز أو مانعة فلا، لم يبعد ولم يذكروه.

وَلَهُ أَن يَسْتَنِيبَ مَنْ يَسْتَوْفِي الْمَنْفَعَةَ لَهُ، أي كما إذا استعار دابة للركوب فله أن يركبها وكيلًا لهُ في حاجة؛ لأن المنفعة تحصل له، وَاعْلَمْ: أن الشيخ لم يذكر حَدَّ المستعيرِ، وقال الماوردي: كُلُّ مَنْ صَح مِنْهُ قُبُولُ الْهِبَةِ صَحَّ مِنْهُ طَلَبَهَا وَمَنْ لا فَلَا، وأورد عليه السفيه. وَالْمُسْتَعَارِ، أي وشرط المستعار، كَوْنُهُ مُنْتَفِعًا بِهِ، أي منفعة


(١٤٥) المائدة / ٢.
(١٤٦) عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -؛ قَال: (كَانَ فَزَعٌ بالْمَدِينَةِ، فَاسْتَعَارَ النبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَرَسًا لَنَا يُقَالُ لَه مَنْدُبٌ). رواه البخاري في الصحيح: كتاب الجهاد: الحديث (٢٨٥٧). وفي لفظ: كَانَ فَزَعٌ في الْمَدِينَةِ، فَاسْتَعَارَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَرَسًا مِن أبِي طَلْحَةَ، يُقَالُ لَهُ الْمَندُوبُ، فَرَكِبَهُ. فَلَمَّا رَجَعَ؛ قَال: [مَا رَأَينَا مِنْ شَيءٍ، وَإن وَجَدْنَاهُ لبحرًا]. رواه البُخَارِيّ في الصحيح: كتاب الهبة: الحديث (٢٦٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>