للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ مُوجِبَاتِ الدِّيةِ وَالْعَاقِلَةِ وَالْكَفَّارَةِ

تقدَّمَ الكلامُ على لفظ الدية في الباب قبله، وَالعَاقلَةُ: سُمُّوا بِذَلِكَ؛ لأنَّهُمْ يَعقِلُونَ الإبِلَ بِفَنَاءِ دَارِ القَتِيْلِ، وَقِيْلَ: لأنَّهُمْ يَمنَعُونَ عَنْهُ، والعَقْلُ: المَنعُ، وَقِيلَ: لإعْطَائِهَا العَقلَ الذِي هُوَ الدِّيَةُ، والكَفارَةُ: مَأخُوذَة مِنَ الكُفْرِ: وَهُوَ السترُ كما تقدّم في بابها.

صَاحَ عَلَى صَبِيٍّ لَا يُمَيزُ، أي وكذا ضعيف التمييز كما قاله الإمام، عَلَى طَرَفِ سَطْحٍ، أي أو بئر أو نهر، فوَقَعَ بِذَلِكَ فَمَاتَ، فَدِيَة مُغَلظَة عَلَى العاقِلَةِ، لأنه يتأثر بالصيحة الشديدة كثيرًا؛ فأُحيل الهلاك عليها. ولم يتعرض الجمهور للارتعاد؛ وتعرض له الإمام؛ والغزالي والرافعي وكأنه ملازم لهذه الحالة، وَفِي قَولٍ: قِصَاصٌ، لأن التأثير بها غالب، وقياس القائل بهذا أن يوجب دية مغلظة على الجاني، وَلَوْ كان، الصبي المصيح عليه، بِأرضٍ، فمات، أو صَاحَ عَلَى بَالِغ بِطَرَفِ سَطْحٍ، فسقط ومات، فَلَا دِيَةَ في الأصَح، لندرة الموت بذلك والحالة هذه، والثاني: تجب؛ أما في الصبي؛ فكما لو سقط من سطح. وأما في البالغ؛ فلأنه مع الغفلة كالصبي، وَشَهْرُ سِلَاحٍ كَصِيَاحٍ، أي وكذا التهديد الشديد، وَمُرَاهِقٌ مُتَيَقظٌ كَبَالِغٍ، أي فلا دية فيه على الأصح كما مضى.

فَرْعٌ: المجنونُ؛ والمعتوهُ؛ والذي يعتريه الوسواسُ؛ والنائمُ؛ والمرأة الضعيفة؛ كالصبي الذي لا يُمَيِّزُ.

وَلَوْ صَاحَ عَلَى صَيدٍ فَاضطَرَبَ صَبِيُّ وَسقَطَ فَدِيَةٌ مُخَففَة عَلَى العاقَلَةِ، لأنه لا يتأثر بها غالبًا كما سلف، وَلَوْ طَلَبَ سُلْطَان مَن ذُكِرَتْ بِسُوءٍ فَأجهَضَتْ، أي ألقَتِ الجنينَ قبلَ تمامه، ضُمِنَ الجَنينُ، لأن عَلِيًا أشَارَ عَلَى عُمَرَ -رَضِي الله عَنْهُمَا- بِذَلِكَ في هَذِهِ الحَالَةِ وَرَجَعُوا إِلَيهِ فَكَانَ إِجْمَاعًا (١٩٢)، وهذا بخلاف ما لو ماتت،


(١٩٢) • عن شَهرِ بْنِ حَوْشَبٍ؛ (أن عُمَرَ بنَ الخَطابِ - رضي الله عنه -؛ صَاحَ بِامْرَأةٍ فَأسقَطَت! فأعْتَقَ =

<<  <  ج: ص:  >  >>