للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا لم يتيقن الخطأ، وبه قال الأئمة الثلاثة ونقله الترمذي عن أكثر أهل العلم (٣٥١) واحترز بالتيقن عن الظن فإنه لا قضاء قطعًا، لأنَّ الإجْتِهَادَ لَا يُنفَضُ بِالاِجْتِهَادِ، والمراد باليقين هنا ما يمتنع معه الاجتهاد، فيدخل فيه خبر الثقة عن المعاينة. وقوله (قَضَى) يُشعر بأن صورة المسألة ما إذا بان بعد الوقت؛ فإن بَانَ فيه وجب قطعًا كما نقله في نظيره من الاجتهاد في وقت الصلاة والصوم، وفي كلام الرافعي في الباب ما يدل عليه، لكن في كتاب ابن القاص في دلائل القبلة ما حاصله جريان القولين مطلقًا، فَلَوْ تَيَقَّنَهُ فِيهَا وَجَبَ اسْتِئنَافُهَا، أي سواء عرف الصواب معه أم لم يعرفه، وِإِنْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ عَمِلَ بِالثَّانِي، لأنه الصواب في ظنه الناجز، وَلَا قَضَاءَ، لأن الاجتهاد لا ينقض الاجتهاد، حَتَّى لَوْ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ لأَرْبَعِ جِهَاتٍ بِالاِجْتِهَادِ فَلاَ قَضَاءَ، لما قلناه.

بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ

الصِّفَةُ هُنَا الْكَيْفِيَّةُ، أَرْكَانُهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ:

* الأَوَّلُ: النِّيَّةُ: لأنها واجبةٌ في بعض الصلاة وهو أولها فكانت ركنًا كالتكبير وغيره، فَإِنْ صَلَّى فَرْضًا وَجَبَ قَصْدُ فِعْلِهِ، ليمتاز عن سائر الأفعال، وَتَعْيِينُهُ، من كونه ظهرًا أو عصرًا أو غيرهما ليمتاز على سائر الصلوات، ولو عبر بقوله قصد فعلها بضمير المؤنث وتعيينها كما في الْمُحَرَّر لكان صوابًا ليعودَ الضميرُ على الصلاة، لأن الفرض ذكره بعده، وَالأَصَحُّ وُجُوبُ نِيَّةِ الْفَرَضِيَّةِ، لتمتاز عن صلاة الصبي

والصلاة المعادة في جماعة، والثاني: لا؛ لأن الصبي إذا صلى ثم بلغ في الوقت يجزيه


(٣٥١) في الجامع الصحيح: أبواب الصلاة: ج ٢ ص ١٧٧؛ قال الترمذي: وقد ذهب أكثر أهل العلم إلى هذا. قالوا: إذا صلَّى في الْغَيْمِ لغيرِ الْقِبْلَةِ؛ ثُمَّ اسْتَبَانَ لَهُ بَعْدَمَا صَلَّى أَنَّهُ صَلَّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ، فَإنَّ صَلَاتَهُ جَائِزَةٌ. وَبِهِ يَقُولُ سفيانُ الثورىُّ، وابنُ المباركِ، وأحمد، وإسحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>