للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيَجِبُ تَجْدِيدُ الاِجْتِهَادِ لِكُلِّ صَلَاةٍ تَحْضُرُ عَلَى الصَّحِيحِ، كالحاكم إذا حكم في واقعة بالاجتهاد ثم وقعت مرة أخرى على الأصح إذا لم يكن ذاكرًا للدليل الأول، فإن كان ذاكرًا كفى قطعا كما قاله في الروضة من زوائده في القضاء، والثاني: لا يجب، إذ الأصل بقاء الظن الأول، وقوله (تَحْضُرُ) احترز به عن النافلة؛ فإنه لا يحتاج إلى تجديد الاجتهاد لها قطعًا.

فَرْعٌ: إعادة التقليد في حق المقلد كالاجتهاد؛ ذكره في الكفاية.

وَمَنْ عَجَزَ عَنِ الاِجْتِهَادِ وَتَعَلُّمِ الأَدِلَّةِ كَأَعْمَى قَلَّدَ ثِقَةً عَارِفًا، أي بالأدلة كالعامي في الأحكام، لأن أدلة القبلة تتعلق بالبصير، فالواجب التقليد، واحترز بالثقة عن الكافر والصبي، وَإِنْ قَدَرَ، أي على تعلم الأدلة، فَالأَصَحُّ وُجُوبُ التَّعَلُّمِ، لإمكانه لِتَعَلُّمِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ، فَيَحْرُمُ التَّقْلِيدُ، والثاني: أن يعلم أن أدلة القبلة فرض كفاية كالعلم بأحكام الشريعة، والثالث: أنَّه فرضُ كفاية للمقيم وفرض عين للمسافر وصححه المصنف في شرح المهذب واختاره في الروضة.

وَمَنْ صَلَّى بِالِاجْتِهَادِ فَتَيَقَّنَ الْخَطَأَ قَضَى فِي الأَظْهَرِ، كما ينقض الحاكم اجتهاده إذا خالف النص، والثاني: لا؛ لأنها جهة يجوز الصلاة إليها بالاجتهاد فأشبه


= * ثُمَّ قَالَ: وَأَشْعَثُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو الرَّبِيعِ السَّمَّانِ يُضَعَّفُ فِي الْحَدِيثِ، وَقَدْ ذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ العِلْمِ إِلَى هَذَا، وَقَالُواْ: إِذَا صَلَّى فِي الْغَيْمِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ ثُمَّ اسْتَبَانَ لَهُ بَعْدَ مَا صَلَّى أَنَّهُ صَلَّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ، فَإِنَّ صَلَاتَهُ جَائِزَةٌ. إنتهى.
* قال الشَّيْخُ أَحْمَد مُحَمَّد شَاكر رحمهُ اللهُ: وبذلك يظهر أن الحديث معروف من غير حديث أشعث، ولعل الترمذي لم يطلع على رواية: عمرو بن قيس وأشعث السمان إنما تُكلم فيه من قِبَلِ حفظه؛ وهو صَدُوقٌ، والحديث حسنُ الإِسنادِ؛ لأن عاصم بن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب ضَعَّفُوهُ مِنْ قِبْلِ حفظهِ، وقد روى عنه مالك وشعبة مع تشددهما في الشيوخ. وقد جاء نحو هذا الحديث عن جابر بن عبد الله. وإسناده ضعيف ولكنه يصلح شاهدًا، فعلم منه أن له أصلًا معروفًا. إنتهى. النقل بتصرف. ينظر: تعليقات الشيخ أحمد مُحَمَّد شاكر على الحديث في الجامع الصحيح للترمذي: ج ٢ ص ١٧٦ - ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>