للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ قَسْمُ الْصَّدقَاتِ

القَسْمُ: بِفَتْحِ الْقَافِ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْقِسْمَةِ كما تَقَدَّمَ في الباب قبله، وجَمَعَ الصَّدَقَةَ لاِختِلاَفِ أَنْوَاعِهَا مِنْ مَاشِيَةٍ وَنَبَاتٍ وَنَقْدٍ وَغَيْرِها. والأصْلُ في الباب قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} (٣١٥).

الفَقِيْرُ: مَنْ لاَ مَالَ لَهُ وَلاَ كَسْبَ يَقَعُ مَوْقِعاً مِنْ حَاجَتِهِ، أيْ كَمَنْ يحتاجُ كلَّ يوم إلى عشرة ولا يجد شيئاً أو يجدُ درهمين أو ثلاثة، وَلاَ يَمْنَعُ الْفَقْرُ مَسْكَنهُ وَثيَابُهُ، أي التي يلبسها لِلتَّجَمُّلِ، وكذا العبدُ الذي يحتاج إلى خدمته كما نقلهُ في الروضة عن ابن كج؛ خلافاً للإمام فيه، وفي المسكن ولو لم يكن له ذلك، واحتاج إلى شرائهما ومعه ما يشتريهما به؛ فالظاهرُ تخريجُهُ على ما لو كان عليه دَيْنٌ مستغرقٌ ومعه مالٌ، وقد أفتى البغويُّ فيه: بأنه لا يُعطى من سهم الفقراء حتى يَصْرِفَ ما عندَهُ إلى الدَّيْنِ، وفيه احتمال للرافعيِّ. فلو كان من عادته أن يسكنَ بالأُجرة؛ ولا ضرورة إلى شرائه مِلْكاً, فالظاهرُ أن ذلك القدرَ الذي معهُ يخرجُه عن حدِّ الفقرِ، لأنه يعدُّ في العُرف غنيًّا، وكذا الفقيهُ الذي يستغنى بسكنِ المَدَارِسِ ونحوه ما لم تَدْعُهُ ضرورةٌ إلى شراءِ مسكن، وَمَالُهُ الْغَائِبُ فِي مَرْحَلَتَيْنِ، أي فله الأخذُ إلى أن يصل إليه؛ وفيه نظرٌ؛ لأنه يعدُّ غنيًّا، نعمْ: هو ظاهرٌ إذا لم يجد من يُقرضه وفيما دونهما بحثٌ للرافعىِّ وتَبِعَ فيه القاضي، وَالْمُؤَجَّلُ، أي لا يمنعُ الفقرُ أيضاً فيأخذ إلى أن يحِلَّ، وَكَسْبٌ لاَ


(٣١٥) التوبة / ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>