للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب البيع]

لَمَّا فَرَغَ مِنَ الْعِبَادَاتِ، لأنها أهمُّ؛ شَرَعَ فِي الْمُعَامَلاتِ، لأنها ضَرُورِية، وَأَخَّرَ عَنْها رُبْعَ النِّكَاح لأنَّ شَهْوَتَهُ مُتَأخِّرَةٌ عَنِ الأكْلِ وَنحوه، وَأَخَّرَ عَنْهُ رُبْعَ الْجِنَايَاتِ وَالْمُخَاصَمَاتِ؛ لأَنَّ وُقُوعَ ذَلِكَ غَالِبًا إِنمَا هُوَ بَعدَ الْفَرَاغ مِنْ شَهْوَةِ الْبَطْنِ وَالفَرج.

والْبَيْعُ في اللغة: مُقَابَلَةُ شَيْءٍ بشَيْءٍ، وفي الشرع: مُقَابَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ وَنحْوِهِ مِنَ الحُدُودِ؛ والأصل فيه قوله تعالى: {وَأحَل الله الْبَيْعَ} (١) مع السُنة الشهيرة الآتية والإحماع.


(١) البقرة / ٢٧٥.
دَلَالَةُ البَيع في اللغَةِ وَالاصطِلاح:
• البيع في اللغة مُطْلَقُ المُبَادَلَةِ؛ أي مُبَادَلَةُ المَالِ بِالمَالِ؛ وهو من الأضداد، يطلق على أمرين؛ أحدهما: الشِّرَاءُ؛ وهو قبولُ المَالِ، تقول العرب: بعتُ بمعنى شَرَيتُ، وبالعكس. قال الله تعالى: {وشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} [يوسف: ٢٠] أي باعوه، وقال تعالى: {لَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} [البقرة: ١٠٢]. ويقال لكل من المتبايعين بَائِعٌ وبيع وَمُشْتَرٍ وَشَارٍ. والأمرُ الثانى: الْعَقْدُ المُرَكبُ منَ الإِيجَابِ وَالقبولِ. والذي يُعَيِّنُ المرادَ في كل ما تقدم هو القرينة الصارفة للدلالة اللغوية إلى معنى عرفي أو شرعى.
• وفي الاصطلاح الفقهي؛ الْبَيعُ هُوَ تَملِيْكُ البَائِع مَالًا لِلْمُشتَرِى بِمَال يَكُونُ ثَمَنًا لِلْمبِيْع؛ فيجري بإعطاءِ المُثْمَنِ وَأخْذِ الثْمَن. والشِّرَاءُ إِعطَاءُ الثمَنِ وَأخذُ المُثْمَنِ. بإيجابِ وقبولٍ بينهُما بالتراضى. فالبيع شرعًا: هُوَ مبَادَلَةُ مَال بمَال تَملِيكًا وَتَملُّكًا عَلَى سَبِيلِ الترَاضِى. أَوْ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ مِنْ غَنر جِنْسِهِ تَملِيكًا وَتَملُّكًا عَلَى سَبِيْلِ الترَاضى وله أنواع سيأتى الصنف رحمه الله عليها ضمنًا في شرحه.

<<  <  ج: ص:  >  >>