للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شَرْطُهُ الإِيْجَابُ: كَبِعتُك وَملكتكَ، وَالقَبُولُ: كاشتَرَيتُ وَتَمَلكْتُ وَقَبِلْتُ، لقوله عَلَيْهِ الصلًاة والسلام: [إِنمَا الْبَيْعُ عَن تَرَاضٍ] صححهُ ابنُ حِبَّان (٢)، والرِّضى أمر خفي لا يطلع عليه، فأنيط الحكم بسبب ظاهر يدل عليه؛ وهو الصيغة فلا تكفي المعاطاة، والأقوى أنها تكفي في كل ما يعده الناس بيعًا، والمراد بالشرط: ما لا بد منه. وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ فِيْمَا لَيْسَ بِضمنِيٍّ مِنَ الْبُيُوع، أما الضمنيُّ منها كما إذا قال أعتق عبدك عني على كذا، فيكفي فيه الالتماس. والجواب كما ذكره في كفارة الظهار. وَيَجُوزُ تَقَدُّمُ لَفْظِ الْمُشْتَرِي، أي في غير قَبِلْتُ، ونَعَم لحصول المقصود تقدَّم أو تأخَّر، أما قبلتُ؛ فلا (٣). وبه صرح القفال في فتاويه والإمام أيضًا؛ ومثلها: نَعَم.

وَلَوْ قَالَ: بِعنِي؛ فَقَالَ: بِعتُكَ؛ انعَقَدَ فِي الأظْهرِ، أي وإن لم يقل ثانيًا ابتعتُ؛


(٢) الحديث عن أبى سعيد الخدري - رضي الله عنه -؛ يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [إنمَا البيع عَنْ تَرَاضٍ]. رواه ابن ماجه في السنن: كتاب التجارات: باب بيع الخيار: الحديث (٢١٨٥). في الزوائد: إسناده صحيح؛ ورجاله موثوقون. رواه ابن حبان في صحيحه في موارد الضمآن: الحديث (١١٠٦).
(٣) سيأتي الاستدلال على مسائل الإيجاب والاستيجاب، أو الإيجاب والقبول، بالقياس. والأصل من السُّنْة فيه، حديث سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه -؛ قال: (غَزَوْنَا فَزَارَةَ وَعَلينَا أبو بَكرٍ أمرَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَينَا. فَلمَّا كَانَ بَينَنَا وَبَينَ الْمَاءِ سَاعَة، أمَرَنَا أبو بَكْرٍ فَعَرَّسنَا؛ ثُمَّ شَنَّ الغَارَةَ، فَوَرَدَ المَاءَ فَقَتَلَ مَنْ قَتَلَ عَلَيهِ وَسَبَى وَانظُرُ إِلَى عُنَقٍ مِنَ الناسِ فِيهِمُ الذْرَارِي فَخَشِيْتُ أنْ يَسْبقُونى إلَى الجَبَل، فَرَمَيتُ بِسَهْمٍ بَينَهُم وَبَيْنَ الجَبَل، فَلَمَّا رَأوِا السَّهمَ وَقَفُوا، فجِئْتُ بِهم أسُوَقُهُم؛ وَفِيهمُ امرَأةٌ مِنْ بَنِى فَزَارَةَ عَلَيها قُشَعٌ مِن أدمٍ مَعَها ابنَةٌ لَها منْ أحسَنِ العَرَبِ، فَسُقتهُم حَتىَ أتَيْتُ بِهِم أبا بَكْرٍ، فَنَفَلَنِى أبو بَكْرٍ ابنَتَها، فَقَدمنَا المَدِينَةَ، وَمَا كَشَفْتُ لَها ثَوْبًا، فَلَقِينِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي السُّوقِ، فَقَالَ: [يَا سَلَمَةَ هبْ لِيَ المَرأةَ] فَقُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَاللهِ لَقَد أعجَبَتنِى، وَمَا كَشَفْتُ لَها ثَوْبًا. ثُمَّ لَقِينِي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الغَدِ في السُّوقِ، فَقَالَ لِي: [يَا سَلَمَةَ، هب لِيَ المَرأةَ لله أبوكَ] فَقُلْتُ: هِيَ لَكَ يا رَسُولَ اللهِ. فَبَعَثَ بِها رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إِلَى أهْلِ مَكْةَ فَفَدَى بِها نَاسًا مِنَ المُسلِمِينَ كَانُوا أسْرَى بِمَكةَ). رواه مسلم في الصحيح: كتاب الجهاد: باب التنفيل وفداء المسلمين بالأسارى: الحديث (٤٦/ ١٧٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>