للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُحمَلُ لفظُهُ على قصر العمل على المخاطَبِ، ولا شيء لذلك الغيرِ على الْمُعيَّنِ، إلا أنْ يلتزمَ لَهُ أُجرة ويستعين به، قُلْتُ: وقد يقالُ بِمِثلِ هذا في إمامِ المسجد ونحوه من وُلاةِ الوظائف إذا استناب، كان كان المصنِّفُ أفتى بعدم استحقاقهما، وكذا الشيخُ عز الدين، وَإن قَصَدَ الْعَمَلَ لِلْمَالِكِ، فَلِلأوَّلِ قِسْطُهُ وَلَا شَيءَ لِلمُشَارِكِ بِحَال، لأن المالك لم يلتزم له شيئًا.

فصل: وَلكُلّ مِنْهُمَا، أي من المالك والعامل، الْفَسْخُ قَبْلَ تمَامِ الْعَمَلِ، لأنها كالوصية من حيث أنها تعليق استحقاق بشرط، والرجوع عن الوصية جائز، وإنما يتصور ذلك ابتداءً في العامل المعين؛ لأنه الذي يتصور منه الفسخ ويتصور بعد الشروع فيه وفي غيره، واحترز بقوله قبل تمام العمل عما بعده، فإنه لا أثَرَ للفسخ، لأن الْجُعلَ قد لزم واستقرَّ، فَإن فُسِخَ قَبْلَ الشرُوع، أَوْ فَسَخَ الْعامِلُ بَعدَ الشُّرُوع، فَلَا شَيء له، أمَّا في الأولى: فلأنه لم يفعل شيئًا وسواء فيه فسخُهُ وفسخُ المالكِ. وأمَّا في الثانية: فلأنه امتنع باختياره ولم يحصل غرض المالك، وَإِن فَسَخَ الْمالِكُ بَعدَ الشرُوع، في العمل، فَعَلَيهِ أجْرَةُ الْمِثْلِ فِي الأصَحّ، كَيلا يُحبطَ سَعيهُ بِفَسْخ غَيرِهِ، والثاني: لا، كما لو فسخ العاملُ بنفسه، وَللْمَالِكِ أَن يَزِيدَ وينقصَ فِي الْجُعلِ قَبْلَ الْفَرَاغ، لأن ذلك يجوزُ في البيع في زمن الخيار، فجوازه فيما العقد فيه جائز أبدًا أَوْلى، وكذا يجوزُ تغييرُ جنسه قبل الفراغ أيضًا، وَفَائِدَتُهُ بَعدَ الشُّرُوع وُجُوبُ أجْرَةِ الْمِثْلِ، لأن النداء الأخير فسخ الأول؛ والفسخ في أثناء العمل يقتضي أجرة المثل، أما قبله ففائدته استقرار الأمر على الأخير.

وَلَوْ مَاتَ الآبِقُ فِي بعضِ الطرِيقِ أَوْ هرَبَ فَلَا شَيءَ لِلْعَامِلِ، لأنه لم يرده، والاستحقاق يتعلق بالردِّ وهو المقصود، ويخالف ما لو مات الأجير قبل الحج؛ فإنه يستحق البعض، وفرَّقوا بفروق ضعيفة منها: أنَّ الحج عقدٌ لازمٌ بخلاف الْجُعَالةِ، وَإِذَا ردَّهُ فَلَيسَ لَهُ حَبْسُهُ لِقَبْضِ الْجُعلِ، لأن الاستحقاق بالتسليم ولا حبس قبل الاستحقاق، وَيُصَدّقُ الْمَالِكُ إِذَا أَنْكَرَ شرطَ الْجُعلِ أَوْ سَعيَهُ فِي رَدِّهِ، لأنَّ الأصل

<<  <  ج: ص:  >  >>