وَرِثَ بِهِمَا، أي فيأخذُ النصفَ بالزوحية والآخر ببنوةِ العَمِّ، أو بكونه معتقًا، لأنهُ وارثٌ بسببين مختلفين فأشبَهَ ما لو كانِت القرابتان في شخصين.
قُلْتُ: فَلَوْ وُجِدَ فِي نِكَاح الْمَجُوسِ أَو الشُّبْهَةِ بِنْتٌ هِيَ أُخْتٌ، أي بأن وطءَ ابنته فأولدَها بنتًا، ثم ماتت العليا فقد خلَّفَتْ أُخْتًا من أب وبنتًا، وَرِثَتْ بِالْبُنُوَّةِ، أي فقط لقوتها، وَقِيلَ: بِهِمَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، لأنهما سببان يورث بكل واحدٍ عند الانفرادِ، فإذا اجتمعا لم يسقط أحدُهما الآخرَ، كابنِ عَمٍّ هُو أخٌ لأُمٍّ.
وَلَو اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي جِهَةِ عُصُوبَةٍ، وَزَادَ أَحَدُهمَا بِقَرَابَةٍ أُخْرَى، كَابْنَي عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لأُمٍّ، فَلَهُ السُّدُسُ وَالْبَاقِي بَينَهُمَا، أي بالعصوبة لما تقدم، فَلَوْ كَانَ مَعَهُمَا بِنْتٌ، فَلَهَا نِصْفٌ، وَالْبَاقِي بَينَهُمَا سَوَاءٌ، لأن أُخُوَّةَ الأُمِّ سَقَطَت بِالْبِنْتِ، وَقِيلَ: يَخْتَصُّ بِهِ الأَخُ، لأنَّ البنتَ مُنِعَتْ من الأخذ بقرابةِ الأُمِّ، فإذا لم يأخذ بها رجحت عصوبته كالأخ لأبوينِ مع الأخ لأبٍ، وَصُورَتُهُ: ابْنَي عَمٍّ، أحدُهُما أخٌ لأُمٍّ، أن يتعاقب آخران على امرأةٍ، ويلدُ لكلِّ واحدٍ منهما ابنًا، ولأحدهما ابنٌ من غيرِها؛ فابناهُ أبناءُ عمٍّ للآخر؛ وأحدُهُما أخُوهُ لأُمِّهِ.
فَصْلٌ: وَمَنِ اجْتَمَعَ فِيهِ جِهَتَا فَرْضٍ وَرِثَ بَأَقْوَاهُمَا فَقَطْ، لما تقدم، وَالْقُوَّةُ؛ بِأَنْ تحْجُبَ إحْدَاهُمَا الأُخْرَى، أَو لَا تَحْجُبُ، أَوْ تَكُون أَقَلَّ حَجْبًا، فَالأَوَّلُ: كبِنْتٍ هِيَ أُخْتٌ لأُمٍّ؟ بأَن يَطَأَ مَجُوسِي أَوْ مُسْلِمٌ بِشُبْهَهٍ أُمَّهُ فَتَلِدُ بِنْتًا، فَالأُخُوَّةُ سَاقِطَةٌ بالْبِنْتِيَّةِ، وَالثَّانِي: كَأُمِّ هِيَ أخْتٌ لأَبٍ بِأَن يَطَأَ بِنْتَهُ فَتَلِدُ بنتًا، وَالثَّالِثُ: كَأُمِّ أُمٍّ هيَ أَخْتٌ، لأبٍ، بِأَن يَطَأَ هَذِهِ الْبِنْتَ الثَّانِيَةَ فَتَلِدُ وَلَدًا فَالأُوْلَى أُمُّ أُمِّهِ، أي أُمُّ أُمِّ الْوَلَدِ، وَأُخْتُهُ، أي لأبيهِ؛ ويكون الإرث في الثانية بالأُمُومَةِ أو الْجُدُودَةِ دُونَ الأُخُوَّةِ لأُمٍّ، لأنَّ الأُمَّ لا تحجب، وَأُمُّ الأُمِّ لا يحجبُها إلا الأمُّ، وأمَّا الأُخْتُ فيحجبها جماعةٌ كما سلف، ولا يرثون بالزوجية قطعًا لبطلانها كذا إدعاه الرافعيُّ والمصنِّفُ هنا؛ لكنهما حكيا عن البغوي وجهًا في كتاب النِّكَاحِ: أنَّ منهم من بَنى التوارث على الخلاف في صِحَّةِ أنكحتِهم، واعلمْ أنَّ عبارة المصنف المذكورة هنا يدخلُ فيها