في مرضِهِ فكذلك الجوابُ بلا فرقٍ.
وَلَوْ أوصىَ بِعَينٍ حَاضرَةِ هِيَ ثُلُثُ مَالِهِ وَبَاقِيهِ غَائِب؛ لَم تدفع كلها إِلَيهِ فِي الحَالِ، لأن ما يحصلُ للموصَى لهُ ينبغي أن يحصُلَ للوارِثِ مثلاهُ وربما تلفَ الغائبُ، وَالأصَح أنهُ لَا يَتَسلطُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الثلُثِ أيضًا، لأن تسلطَهُ يتوقفُ على تسليطِ الورثَةِ على مِثْلَي ما تسلطَ عليهِ، ولا يمكنُ تسليطُهُم لاحتمالِ سلامَةِ الغائِبِ فَيخلصُ جميع الموصَى بهِ للموصَى لهُ، فكيف يتصرَّفُونَ فيهِ؟ والثاني: يتسلطُ، لأن استحقاقَهُ لهذا القدرِ مُستَيقَنٌ، وحكمُ الدَّينِ حكمُ الغائِبِ، وقد صرَّحَ بهِ صاحبُ التَّنْبِيهِ.
فصل: إِذَا ظَننا المَرَضَ مُخَوِّفًا لَم يَنْفُذْ تَبرُّع زَادَ عَلَى الثلُثِ، لأنهُ محجورٌ عليه فيهِ، وَالمُخَوِّفُ: كل مَا يَسْتَعد الإنسَانُ بِسَبَبِهِ لِمَا بَعدَ الموت بِالإقبَالِ عَلَى الأعمَالِ الصالِحَةِ وَالمَوتُ مِنه غَيرُ نَادِرٍ. وقوله (يَنْفُذْ) يجوزُ قراءتُهُ بفتح الياءٍ وسُكونِ النونِ وضمِّ الفاءِ، ويجوزُ ضمُّ الياءِ وفتحُ النونِ وتشديدُ الفاءِ، فإِن بَرَأَ نفَذَ، لأنهُ تبيَّنَ صحةَ تبرعهِ، وَإن ظَناهُ غَيرَ مُخَوِّف فَمَاتَ، من حُمِلَ عَلَى الفَجأةِ، أي وكذا على سببٍ خفيّ، نفذ، أي كمَا إذا ماتَ مِن وجع الضِّرس والعَينِ، وَإلا فَمُخَوِّف، كإسْهالِ يومٍ أو يومينِ، وَلَو شَكَكنا فِي كَونهِ مُخَوِّفًا لَم يَثبت إلا بِطَبِيبَينِ حُرَّيْنِ عَدلَينِ، مراعاةً للعدَدِ مع أهليَّةِ الشهادَةِ، وَمِنَ المُخَوِّفِ: قُولَنج، وَذَاتُ جَنب، وَرُعَاف دَائِمٌ، وَإِسهالٌ مُتَوَاتر، وَدِقٌّ، وَابتِدَاءُ فَالِج، وَخرُوجُ طَعام غَيرِ مُستَحِيل أو كان يَخرُجُ بِشدة وَوَجَع، أو وَمَعَهُ دمٌ، أي من الكبِدِ وغيره من الأعضاءِ الشريفةِ، وكان ينبغي للمصنّف ذِكْرُ هذه الأشياءِ عقِبَ قوله (وَإِسْهال مُتَوَاتِر) فإنهُ من تَتِمتِهِ، وقد فعلَ ذلك الرافعيُّ في المُحررِ وتَبعَهُ المصنِّفُ أوَّلًا ثم خرجَ بخطِّهِ وكَتَبَ ذلكَ في الحَاشِيَةِ، وَحُمَّى مُطبَقة، أي دائمًة، أو غَيرُها، أي كالوردِ والثلثِ والأخَوينِ، إلا الرِّبْعَ، أي وهِيَ التي تأتِي يَومًا وتنقطعُ يومينِ، قال ابنُ قتيبةَ في غريبةِ: وتقلعُ مع اليومين ثلاثَ ليالٍ، وألحَقَهُ بِرِبع الإبِلِ. وَوردِ الماء وهُو في اليومِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute