أنهُ يحصُلُ بقولهِ: رَدَدْتُ الْوَصِيَّةَ، وقولُهُ: لَا أَقْبَلُهَا وما أدَّى هذا المعنى.
وَلَا يُشْتَرَطُ بَعْدَ مَوْتِهِ الْفَوْرُ، لأن ذلك إنما يُشترطُ في العقودِ النَّاجِزَةِ التي يُعتبرُ فيها ارتباطُ القبولِ بالإيجابِ، فَإِنْ مَاتَ الْمُوْصَى لَهُ قَبْلَهُ بَطَلَتْ، لأنها قَبْلَ الموتِ غيرُ لازمةٍ فبطلَتْ بالموتِ كما لو ماتَ أحدُ المتعاقدَينِ في البيع قبل القبولِ، أَوْ بَعْدَهُ فَيَقْبَلُ وَارِثُهُ، لأنه فرعُهُ فقامَ مقامَهُ في القبولِ كالشُّفْعَةِ، وَهَل يَمْلِكُ الْمُوْصَى لَهُ بِمَوْتِ الْمُوْصِي أَمْ بِقَبُولِهِ أَمْ مُوْقُوفٌ؟ فَإِنْ قَبِلَ بَان أَنَّهُ مَلَكَ بِالْمَوْتِ؛ وإِلَّا بَانَ لِلْوَارِثِ أَقْوَالٌ أظْهَرُهَا الثَّالِثُ، لأنهُ لا يمكنُ جعلُهُ للميتِ لأنهُ لا يملِكُ، ولا للوارِثَ لأنهُ لا يملِكُ إلا بعدَ الدَّينِ وَالْوَصِيَّةِ، ولا للموصَى لهُ؛ وإلَّا لَمَا صحَّ ردُّهُ كالميراثِ فتعيَّنَ وقْفُهُ فراعَاهُ. ووجهُ الأولِ: أنهُ استحقاقٌ بالموتِ، فلمْ يُشترط فيهِ القبولُ كالميراثِ، ووجهُ الثاني: أنهُ تمليكٌ بعقدٍ فَيُتَوَقَّفُ على القبولِ كالبيع، وَعَلَيهَا، أي وعلى هذه الأقوالِ الثلاثةِ، تُبْنَى الثَّمَرَةُ وَكَسْبُ عَبْدٍ حَصَلا بَينَ الْمَوْتِ وَالْقَبُولِ، وَنَفَقَتُهُ وَفِطْرَتُهُ، أي فإنْ قلنا بالأول، فالثمرةُ والكسبُ للموصَى لهُ وعليه النفقةُ والفطرةُ. وإن قلنا بالثاني؛ فلا يكونُ لهُ قبلَهُ؛ ولا عليه نفقتُهُ ولا فطرتُهُ. وإن قلنا بالثالث؛ فموقوفةٌ أيضًا؛ فإن قَبِلَ فلهُ وعليهِ وإلَّا فلا، وَنُطَالِبُ الْمُوْصَى لَهُ بِالنَّفَقَةِ إِن تَوَقَّفَ فِي قَبُولهِ وَرَدِّهِ، أي فإن امتنعَ أُخذت منهُ قهرًا؛ وعلى قولنا: إنَّ الْمِلْكَ لهُ؛ مع أنَّ النفقةَ لا تلزمُهُ، كما تلزمُ مُطَلِّقَ إحدَى امرأتَيهِ إذا امتنعَ من تعيِينِهَا فإنْ أرادَ الخلاصَ رُدَّ.
فَصْلٌ: أَوْصَى بِشَاةٍ تَنَاوَلَ، أي الاسمَ، صَغِيرَةَ الْجُثَّةِ وَكَبِيرَتَهَا سَلِيمَةً وَمَعِيبَةً ضَأْنًا وَمَعَزًا، لصدق الاسمِ عليهِ كما ذكرَهُ، وَكَذَا ذَكَرٌ فِي الأصَحِّ، لأنه اسمُ جنسٍ كالإنسانِ؛ والهاءُ فيه ليستْ للتأنيثِ بل للواحدِ. يدل عليه قولُهم: لفظُ الشَّاةِ يُذَكَّرُ ويؤَنَّثُ. والثاني: لا يتناولُهُ؛ وإنما اسمُ الشاةِ للإناثِ للعُرفِ، وهذا ما نَصَّ عليه في الأُمِّ. ومحلُّ الخلافِ: ما إذا لم يقترنْ بكلامِ الموصِي ما يدلُّ على أحدِهما، فإن اقترنَ بِهِ عُمِلَ بِهِ كما لو قال: ينتفعُ بِدَرِّهَا ونَسْلِهَا، فإنهُ لا يُعطى الذكرَ بل أُنثى