فَرْعٌ: وصَّى لهُ بإِبِلٍ، جازَ إعطاءُ الذَّكر والأُنثى؛ فإن أرادُوا أن يعطوهُ فَصِيلًا أو ابنَ مَخَاضٍ لم يلزمْهُ قبولهُ، لأنه لا يُسمَّى إِبِلًا، كذا ادَّعاهُ في التَّتِمَّةِ وفيه نظرٌ.
لَا بَقَرَةٍ ثَوْرًا، لأن اللفظَ موضوعٌ للأُنثى، والثاني: يتناولُ. والهاءُ للواحدةِ كقولنا ثَمَرَةٌ وَزَبِيبَةٌ، وَالثَّوْرُ لِلذَّكَرِ، لأن اللفظَ موضوعٌ لهُ.
وَالْمَذْهَبُ حَمْلُ الدَّابَّةِ عَلَى فَرَسٍ وَبَغْلٍ وَحِمَارٍ، لأنها في اللُّغة اسمٌ لما يَدُبُّ على وجهِ الأرضِ، ثم اشتهرَ استعمالُها في هذه. والوصيَّةُ تنزلُ على ذلكَ، كذا نصَّ عليه، واختلفوا فيه، فقال ابن سُرَيجٍ: هذا ما ذكرَهُ على عادَةِ أهلِ مِصْرَ في رُكوبِها جميعًا، واستعمالُ الدَّابَّةِ فيها، فأما سائرُ البلادِ فحيثُ لا يستعمَلُ اللفظُ إلا في الفَرَسِ؛ كالعراقِ لا يُعطى إلا الفَرسَ، وقال ابنُ أبي هريرة وغيرُهُ: الحكمُ في جميعِ البلادِ سواءٌ، كما نصَّ عليه وهذا هو الأظهرُ عند الأئمَّةِ. وعبَّرَ المصنِّفُ لأجلِ هذا الاختلافِ بالمذهبِ، وهذا إذا أطلقَ، أما إذا قال: دَابَّةٌ تصلُحُ للكَرِّ والفَرِّ والقتالِ والنَّسْلِ فهي فَرَسٌ.
ويُتَنَاوَلُ الرَّقِيقُ صَغِيرًا وَأُنْثَى وَمَعِيبًا وَكَافِرًا وَعُكُوسَهَا، أي كبيرًا وذَكَرًا وسليمًا ومُسلمًا لإطلاقِ لفظِ الرَّقيقِ على ذلك كلِّهِ، وَقِيلَ: إِن أَوْصَى يإِعْتَاقِ عَبْدٍ وَجَبَ الْمُجْزِئُ كَفَّارَةٌ، لأنهُ المعروفُ في الإعتاق، بخلافِ ما إذا قال: أعطوهُ عَبْدًا، فإنهُ لا عُرفَ فيهِ. والأصحُّ أنه يجزئُ ما يقعُ عليه الاسمُ، كما لو قال: أعطُوا فُلانًا رَقِيقًا، وقوله (كَفَّارَةً) هو منصوبٌ على الحالِ أو التَّمْيِيز.
وَلَوْ أَوْصَى بِأَحَدِ رَقِيقِهِ فَمَاتُوا أَوْ قُتِلُوا قَبْلَ مَوْتِهِ بَطَلَت، لأنهُ لا رقيقَ لهُ، وَإن بَقِيَ وَاحِدٌ تَعَيَّنَ، لصدقِ الاسمِ عليهِ. واحترزَ بقوله (قَبْلَ مَوْتِهِ) عما إذا ماتُوا بعد موتِهِ، فإنْ كان بعدَ قبولِ الموصَى لهُ انتقلَ حقُّهُ إلى القيمةِ فيَصْرِفُ الوارثُ قيمةَ مَن شاءَ منهُمٍ إليهِ، وإنْ كان بعدَة وقَبْلَ القبولِ. فكذلك إن قلنا: يملِكُ الوصيَّةَ بالموتِ أو موقوفةً، وإن قلنا يملِكُ بالقبولِ بطلَتْ، قال الرافعيُّ: وهو احتمالٌ للإمامِ، قال: إنهُ لم يُصْرَفْ إليهِ أحدٌ. وقال القاضي حُسين: لا فرقَ بين أن يقولَ: