للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَعَلَيهِ، أي على الوارثِ، نَفَقَتُهُ إِن أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ مُدَّةً، لأنه مالِكُ للرقبةِ كما إذا أجَّرَ عبدَهُ، وَكَذَا أَبَدًا فِي الأصَحِّ، لما قلناهُ، فإن شقَّ عليهِ فخلاصُهُ أن يُعْتِقَهُ، والثاني: أنها على الموصَى لهُ، لأنها لهُ فأشبَهَ الزَّوْجَ.

فَرْعٌ: الفِطْرَةُ كَالنَّفَقَةِ.

وَبَيعُهُ إِن لَمْ يُؤبَّدْ كَالْمُستَأْجِرِ، أي وبيعُ الموصَى بمنفعتِهِ مُدَّةً كبيعِ العينِ المؤجَّرةِ، وقد علِمْتَ ما فيه في بابِها، قال صاحبُ المطلب: ويظهرُ تقييدُ الخلافِ فيها بما إذا كانت المدَّةُ معينةً. أما لو كانتْ مجهولة كحياةِ زيدٍ فيتعيَّنُ القطعُ بالبطلانِ، وَإِنْ أُبَّدَ فَالأَصَحُّ أَنَّهُ يَصِحُّ بَيعُهُ لِلْمُوْصَى لَهُ دُون غَيرِهِ، إذ لا فائِدَةَ فيهِ، والثاني: يصحُّ مُطلقًا لكمَالِ الملْكِ فيه، والثالث: لا يصحُّ مُطلقًا لاستغراقِ المنفعَةِ لحقِّ الغيرِ؛ ونقلَهُ القاضي أبُو الطَّيِّبِ عن الأكثرينَ وصحَّحَهُ أيضًا القاضي حُسين وغيرُهُ، وَأَنَّهُ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْعَبْدِ كُلُّهَا مِنَ الثُّلُثِ إِنْ أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا، لأنهُ حَالٌّ بينَ الوارِثِ وبينَهَا، والحيلولَةُ كالإِتلافِ؛ ألا ترَى أنَّ الغاصِبَ يضمَنُ بهَا، والثاني: أنَّ المعتبَرَ ما بينَ قيمتِهَا بمنافِعِهَا، وقيمَتُها مسلوبةُ المنفعَةِ، وصححَهُ الغزاليُّ وطائفةٌ، لأنَّ الرقبَةَ باقيةٌ للوارِثِ فلا معنَى لاحتسابِهَا على الموصَى لهُ فعلَى هذا تُحسبُ قيمةُ الرقبةِ على الوارثِ على الأصحِّ، مثالُهُ: أوصَى بعبدِ قيمتُهُ بمنافِعِه مِئَةٌ وبدونِهَا عشرةٌ فعلَى الأوَّل تُعتبَرُ الْمِئَةُ من الثُّلُثِ، ويُشترطُ أن يكونَ له مِئَتَانِ سِوَى العبدِ. وعلى الثاني المعتبَرُ تِسعونَ فقطْ فيُشترطُ أن يبقَى للورثَةِ ضِعْفُ التسعينَ مع العشرةِ على الأصحِّ على وَجه ودونَها على وجهٍ، وَإِن أَوْصَى بِهَا مُدَّةً قُوِّمَ بِمَنْفَعَتِهِ، ثُمَّ مَسْلُوبِهَا تِلْكَ المُدَّةَ، ويُحْسَبُ النَّاقِصُ مِنَ الثُّلْثِ، أي فإذا قوَّمناهُ بالمنفعةِ بِمِئَةٍ وبدونِها تلكَ المدَّة بثمانينَ فالوصيةُ بعشرينَ. وَاعْلَمْ: أنَّ هذهِ المسألةَ فيها أربعُ طرقٍ كما ذكرَهُ في الروضةِ تبعًا للرافعيِّ أصحها هذا، وظاهرُ إيرادِ المصنِّفِ أنهُ من تمامِ قولِهِ، وأنه يعتبَرُ؛ فهو حينئذٍ مما أطلقَ الوجهَ وأرادَ به الطريقةَ، وثانيها: طردُ الخلافِ في الوصيَّةِ المؤبَّدةِ، وثالثها: إنَّا إنِ اعتبرْنَا هناكَ ما بينَ القيمتينِ فهُنا أولى، وإلّا فوجهَانِ أحدُهما: التَّفَاوُتُ، والثاني: الرَّقَبَةُ، ورابعُها: أنَّ المعتبَرَ من الثُّلُثِ أجرةُ مِثْلِ تلكَ المدَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>