للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المالكيُّ عن العلماء مطلقًا: أنَّه لا يجبُ على المرأة سَتْرُ وَجْهِهَا في طريقها، وإنما ذلك سُنَّة، وعلى الرجال غضُّ البَصَرِ عنهُنَّ للآية السالفة، وحكاه عنه المصنّفُ في شرح مسلم في باب نظر الفجاءة وأقرَّهُ عليه (٣٥٩)؛ لكنه حكى الأول في أصلِ الروضة عن حكايته الإمامِ وأقرَّهُ أَيضًا، واعْلَمْ: أن المصنِّفَ وغيره فرضوا الخلاف عند الأمْنِ، والإمامُ فرضه فيما إذا لم يظهرْ خوف فتنةٍ؛ وهو حسنٌ فالأمنُ عزيزٌ إلاّ ممن عُصِمَ.

فَرْعٌ: صوتُها ليس بعورةٍ على الأصحِّ كما مضى في الصلاة، لكن يحرُمُ الإصغاءُ إليه خوفَ الفتنةِ، وقال القاضي حُسين في تعليقه: فأما إذا كان لها نَغْمَةٌ حسنةٌ فلا خلاف أنَّهُ عورةٌ، ويحرُمُ على الرَّجُلِ استماعُهَا، وقد يوافق ما نقله صاحب عوارفِ المعارفِ عن أصحابنا من اتفاقهم على تحريم سماع الغِنَاءِ من الأجنبيَّةِ مُطلقًا.

وَلَا يَنْظُرُ مِن مَحْرَمِهِ، أي بالنسبِ والرَّضَاع والمصاهَرَةِ، بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ, لأنه عورة، وَيحِلُّ مَا سِوَاهُ، لقوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ... } الآية (٣٦٠)، وَقِيْلَ: مَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ فَقَطْ, لأن غيره لا ضرورة إلى النظر إليه؛ فاقتصر على موضع


(٣٥٩) في المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج: كتاب الآداب: باب نظر الفجأة: شرح الحديث (٤٥/ ٢١٥٩)، قال النووي رحمه الله: (قال القاضي عياض: قال العلماء: وفي هذا حجة على أنَّه لا يجب على المرأة أن تَسْتُرَ وَجْهَهَا في طريقِها، وإنما ذلك سُنَّةٌ مُسْتَحبَّةٌ لها، ويجبُ على الرجال غضُّ البصر عنها في جميع الأحوال إلَّا لغرضٍ صحيح شرعي، وهو حالة الشهادة والمداواة وإرادة خِطبتها أو شراء الجارية أو المعاملة بالبيع والشراء وغيرهما ونحو ذلك، وإنما يُباح ذلك في جميع هذا على قدر الحاجة دون ما زاد والله أعلم). إنتهى.
(٣٦٠) النور / ٣١: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٣١)}.

<<  <  ج: ص:  >  >>