للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن الشهوة في حقِّ مَحْرَمِهَا، إِلَّا الفَرْجَ، أي بالاتفاق كما ادَّعاهُ صاحب العُدَّةِ والفورانيُّ وجزَمَ به الرافعيُّ في كتبه والمصنِّفُ، لكن ردَّ عليه في الروضة: بأنَّ القاضي جزَمَ بجوازه في الصغر أَيضًا، وقطع المرْوَزِيُّ بجوازه في الصغير، وصحَّحَهُ المتوليّ لتسامح النَّاس بذلك قديمًا وحديثًا، قال: وإباحةُ ذلك يبقى إلى بلوغِهِ سنَّ التَّمييزِ ومصيره بحيث يمكن سترُ عورته عن النَّاس، ومتى قاربتِ الصَّبِيَّةُ البلوغَ بحيث يحتملُ بلوغُها قال ابنُ الرِّفْعَةِ: لا شَك أنها كالبالغة، قُلْتُ: وبه صرَّحَ الْجَاجُرْمِيُّ في كِفَايَتِهِ، فقال: والمراهقةُ كالبالغةِ.

وَأَنَّ نَظَرَ الْعَبدِ، أي سواء كان فحلًا أو خصِيًّا أو مجبُوبًا أو ممسُوحًا، إِلَى سَيِّدَتِهِ وَنَظَرَ مَمْسُوحٍ، أي سواء كان عبدًا لغيرِها أمْ حُرًّا، كَالنَّظَرِ إِلَى مَحْرَمٍ، أما الأوَّلُ: فلقوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} (٣٦٢) وهو ما رجَّحَهُ الأكثرون كما قاله الرافعي، قال في الروضة: وهو المنصوصُ وظاهرُ الكتاب والسُّنَّةِ (٢٦)، وإن كان فيه نظر من حيث المعنى، وقال البيهقي بعد أن حكى خلاف من خالَفَ: ظاهرُ الكتابِ أوْلى بالاتباع مع ما فيه من السُّنَّةِ (٣٦٣)، وأما الثاني: فعليه حُمل قوله تعالى: {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ}، والثاني: لا فيهما، أما الأول: فلأنه لو ثبتت المحرميَّةُ لاستمرَّتْ كالرضاع والمرادُ بما ملكت أيمانُهُنَّ الإماءُ المشركات كما سيأتي، وإن سلَّمنا أنَّهم المرادون في الآية فمَنْ ذكرَهُ قيَّد بما إذا كانا عفيفين كالواحديِّ وهو


(٣٦٢) النور / ٣١.
(٣٦٣) في السنن الكبرى: كتاب النكاح: الأثر (١٣٨٣٩)، قال البيهقي: عن القاسم بن محمَّد أنَّه قال: كانت أمهات المُؤمنين يكون لبعضهن المكاتب فتكشف له الحجاب ما بقي عليه درهم، فإذا قضى أرخته دونه. وكان الحسن والشعبي وطاووس ومجاهد يكرهون أن ينظر العبد إلى شعر سيدته، وكأنهم عَدُّوا الشعر من الزينة إلى لا تبديها لعبدها, كما عده ابن عباس رضي الله عنهما من الزينة إلى لا تبديها لمحارمها. وعن إبراهيم الصائغ قال: قلت لنافع: يحرجها عبدها؟ قال: لا, لأنهم يرون العبد صنيعة. وظاهر الكتاب والسنة أولى بالاتباع مع ما فيه من السُّنَّة. إنتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>