للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فرعٌ: يجب على المرأةِ الاحتجابُ من المجنون قطعاً؛ لأنه بالغ ذو شهوةٍ. وقد يكون الخوفُ منه أكثرَ.

فرع: استئذانُ العبد والطفلِ في الأوقات الثلاثة لا بُدَّ منه حين يخلُو الرَّجُلُ بأهله حتى الابن يستأذِنُ أُمَّهُ في الأوقات الثلاثة مُطلقًا، وفي كُل الأوقات بعد بلوغِهِ وإن لم يتعرَّضْ له الأصحابُ، قال ابنُ مسعودٍ: عَلَيْكُم إذْن عَلَى أمهاتِكم (٣٦٨).

ويحِلُّ نَظَرُ رَجُلِ إِلَى رَجُلٍ، بالاتفاق وذلك عند أَمنِ الفتنة وعدمِ الشَّهْوَةِ، إِلَّا مَا بَينَ سُره وَرُكْبةٍ، لأنه عورة ولا فرق عندنا بين الحمَّام وغيره، ونقل القاضى حُسين عن على - رضي الله عنه -: (أَنَّ الْفَخِذَ فِي الحمامِ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ) (٣٦٩).

وَيَحرُمُ نَظَرُ أَمرَدَ بِشَهْوَةٍ، كالمَحرَمِ بل أولى لأن الإِنَاثَ محلَّ ذلك فِى الجملة بخلاف الذكور، ولا يختصُّ ذلك بالأمرد بل النظر إلى الرجل وإلى المحارم وإلى كُل من جَوَّزنَا النظرَ إِلَيهِ بِشَهْوَةٍ حَرَامْ.

قلتُ: وَكَذَا بِغَيْرها فِي الأصَحِّ الْمَنْصُوصِ، لأنه مظنةُ الفتنة فهو كالمرأة بل أعظمُ وقد نَفرَ منهم السَّلَفُ؛ وسموهم الأنتَانِ، لأنهم مستقذرون شرعاً، وقد ذَكَرَ عن أبي عبيد الله الْخَلال مال: كنتُ أمشى يوماً مع أستاذي فرأيت حَدَثا جميلاً فقلت: يا أستاذي أَتُرى يعذّبُ الله هذه الصُّورَةَ؟ فقال: أوَنَظَرتَ سَتَرَى غبَّها، قال: فنسيتُ القُرآنَ بعد ذلك بعشرين سنة. واعلَم: أن الذي ذكرَهُ الرافعي في شرحَيْهِ أنه إذا لم يكن بشهوةٍ، فإن خاف الافتِتَان حَرُمَ في الأصحِّ تحرزًا عن الفتنة، والثانى: هو اختيارُ الإمام أنه لا يحرمُ وإلاّ أُمر بالاحتجابِ كالنِّسوَةِ، وإن لم يُخَفْ لا يَحرُمُ


(٣٦٨) رواه البيهقى في السنن الكبرى: كتاب النكاح: باب استئذان المملوك والطفل: الأثر (١٣٨٥٣).
(٣٦٩) وحكاه عنه الشربيني في مغني المحتاج: ج ٣ ص ١٣٠.
في التهذيب: كتاب النكاح: ج ٥ ص ٢٣٥؛ قال البغوي: وقال مالك: (الْفَخِذُ لَيسَ بِعَوْرَةٍ).

<<  <  ج: ص:  >  >>