للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منها إلا ما يبدو في الْمِهْنَةِ على الأشبَهِ، وقيل: هي كَالرَّجُلِ الأجْنَبِى. وَاعلم: أنَّ ظاهر إيراد المصنف يقتضى التحريم على الذِّمِّيَّةِ وهو صحيح إذا قلنا الكفارُ مخاطبون بالفروع، وإذا كان حراماً على الذِّمِّيَّةِ حَرُمَ على المسلمة التمكينُ منه، ويحتمل أنه أرادَ التَّحرِيْمَ على الْمُسْلِمَةِ؛ وهو ظاهرُ كتاب عُمَرَ إلى أبى عُبيدة يأمُرُهُ أن يمنعَ المسلماتِ مِن أنْ يدخُلْنَ الْحَمَامَاتِ مَعَ الْمُشْرِكَاتِ (٣٧٠).

فَزع: سَائِرُ الكافراتِ في هذا كَالذِّمِّيَّةِ.

وَجَوَازُ نَظَرِ الْمَرأَةِ إِلَى بَدَنِ أَجْنَبِيٍّ سِوَى مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ إِن لَمْ تَخَفْ فِتْنَةَ، أي وليس كنظر الرجل إليها، لأن بدنها عورةٌ في نفسه، ولذلك يجبُ سترُهُ في الصلاة، ولأنهما لو استويا لأمِرَ الرجالُ بالاحتجاب كالنساء وهذا ما صحَّحَهُ الغزاليُّ، قال المتوليّ: ويكرهُ لها النظر إلى وجهه وبدنه، قُلْتُ: الأصَح التحرِيْمُ كهُوَ إِلَيْها، وَالله أَعلمُ، لقوله تعالى {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} (٣٧١) ولقوله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ [أَفَعَفيَاوَانِ أَنتمَا؟ أَلَسْتُمَا تُبْصرَانِهِ؟ ] حديث صحيح كما قاله الترمذيُّ وغيره (٣٧٢)، ولا عبرة. ممن طَعَنَ فيه وتسوية بينهما وهذا ما


(٣٧٠) عن الحارث بن قيس، قال: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الخَطابِ - رضي الله عنه - إِلَى أبِى عُبَيْدَةَ - رضي الله عنه -: (أمَا بَعدُ؛ فَإِنهُ بَلَغَنِى أن نِسَاءً مِنْ نِسَاءِ المُسْلِمِيْنَ يدخُلْنَ الْحَمَاماتِ مَعَ نِسَاء أهلِ الشركِ، فَإنَّه مَنْ قِبَلَكَ عَنْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لاَ يَحِل لامرأة تُؤمِنُ بالله وَاليَوْمِ الآخِر أنْ يَنْظُرَ إِلَى عَوْرَتِها إِلَّا أهلُ ملَّتِها). رواه البيهقى في السنن الكبرىَ: كتاب النكاح: باب ما جاء في إبداء المسلمة زينتها لنسائها: الأثر (١٣٨٣٥).
(٣٧١) النور / ٣١.
(٣٧٢) عن أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَت: كُنْتُ عِنْدَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدَهُ مَيْمُونَةُ، فأقبَلَ ابنُ أمِّ مَكتومٍ، وَذَلِكَ بَعدَ أنْ أمرنَا بِالْحِجَابِ. فَقَالَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: [احتَجبَا مِنهُ] فَقُلْنَا: يَا رَسُوْلَ اللهِ؛ ألَيسَ أَعمَى لاَ يُبْصِرُنَا وَلاَ يعرِفُنَا؟ فَقَالَ النَّبِى - صلى الله عليه وسلم -: [أفَعمياوَانِ أَنتمَا؟ ألَسْتُمَا تُبْصِرَانِه؟ ]. رواه أبو داود في السنن: كتاب اللباس: الحديث (٤١١٢)، وقال: هذَا لأزْوَاج النبي - صلى الله عليه وسلم - خَاصةَ؛ ألاَ تَرَى إِلَى اعتِدَادِ فَاطِمَةَ بنتِ قَيْس عِنْدَ ابنِ أمِّ مَكتوم، قد قَالَ النبِى - صلى الله عليه وسلم - لِفَاطِمَةَ: [اعتَدي عِنْدَ ابن مَكتومٍ، فَإنَّهُ رَجُلٌ أعمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ عِنْدَهُ]. ورواه

<<  <  ج: ص:  >  >>