فَرْعٌ: الخلافُ الذي في النظر إلى الفرج لا يجري في مَسِّهِ لانتفاءِ العلَّة؛ هذا هو الظاهرُ، وإن لم يصرِّحوا به، وسَأل أبو يوسف أبا حنيفة عن مسِّ الرجُلِ فرج امرأتِهِ وعكسِهِ؛ فقال: لاَ بَأْسَ بِهِ وَأَرْجُو أَنْ يُعَظِّمَ الله أَجْرَهُمَا.
فَرْعٌ: ما لا يجوزُ النظر إليه متَّصلاً كالذكرِ؛ وساعدِ الحُرَّةِ؛ وشعرِ رأسها؛ وشعر عانَةِ الرَّجُل؛ وما أشبهها، يحرمُ النظر إليه بعد الانفصال على الأصحِّ، وبه أجابَ أبو علي الشَّبُويُّ والقاضى حُسين وزاد فقال: وكذلك دَمُ الفَصْدِ والحجامَةِ، وقيل: لا يحرم، لأنه لا يخافُ من النظر إليها فتنة وهو قويٌّ، وقال الإمامُ: احتمالاً لنفسه إن لم يتميِّز أن الْمُبَانَ من المرأة بصورتِهِ وشكله عمَّا للرَّجُلِ كالقُلاَمَةِ والشَّعر والجلدِ لم يَحْرُمْ، وإن تميَّز حَرُمَ، وضعَّفَهُ في الروضة إذ لا أثَرَ للتمييز مع العلم بأنه جزءٌ ممن يحرُم نظره، قال: وعلى الأصحِّ يحرُمُ النظرُ إلى قُلاَمَةِ رِجْلِهَا دون قُلاَمَةِ يَدِها، ويَدِهِ وَرِجْلِهِ، قُلْتُ: هذا التفصيل مَبْنِيٌّ على أنَّ يَدَهَا ليست بعورةٍ، وهو قد صحَّح فيما مضى أنه عورةٌ، فهذا يخالفُ، وهذا التفصيلُ نَقَلَتْهُ بنتُ أبي عليٍّ الشَّبُويِّ عن والدها للخضريِّ لما سُئل عن ذلك ففرح به؛ وقال: لو لم أستفدْ من اتصالي بأهل العلم إلا هذه المسألة كانت كافيةً. ونقلَ البغويُّ في فتاويه هذا التفصيل عن أصحابنا، وفي البحر وجهٌ حكاه في كتاب الصَّلاة: أنه يجبُ دفنُ شعرُ المرأة وظُفرِها، وفي طبقات العباديِّ عن عبدان من قدماءِ أصحابنا: أنَّ الْحُرَّةَ إذا وَصَلَتْ شعرها بشعر حُرَّةٍ يجبُ ستُرهُ، أو أَمَةٍ فلا، ونقلَ الإمامُ عن نصِّ الشافعيِّ رَحِمَهُ اللهُ تحريمَ النظرِ إلى شعرِ الأجنبيَّةِ إذا وَصَلَتْهُ الزوجَةُ بشعرِ نفسها، فيحتملُ أن يكون لأجل وجوب الدَّفْنِ كما سلفَ، ويحتمل أن يكون لأجل الوصْلِ فإنه حَرَامٌ، وينبغي لمن حَلَقَ عانَتَهُ أن يُوَارِىَ الشَّعْرَ لِئلا ينظر إليه أحدٌ، وفي فتاوي البغويِّ: أنه لو أُبِيْنَ شعرُ الأَمة وظُفُرها ثم عَتَقَتْ ينبغي أن يجوزَ النظرُ إليه، وإن قلنا: إنَّ الْمُبَانَ كالمتَّصِلِ لأنه حين انفصلَ لم يكُنْ عورةً؛ والعتق لا يتعدى إلى المنفصل.