للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليه كإقرار المدعَى عليه أو كبيِّنة يقيمُها المدعي. وفيه قولان يأتيان في بابهما حيثُ ذكرَهُما المصنِّفُ إن شاءَ الله أظهَرَهُما الأوَّل، فعلى هذا لا تُسْمَعُ دَعْوَاهُمَا، لأنَّ غايَتَها أنْ تُقِرَّ وَيُحَلَّفَ هو بعدَ نُكولِها وهو كإقرارِها، ولا فائدةَ منهُ على هذا القول.

فَصْلٌ: وَلَوْ تَوَلَّى طَرَفَىَ عَقْدٍ فِي تَزْوِيْج بِنْتِ ابْنِهِ بابْنِ اِبْنِهِ الآخَرِ، أي وكانَ الجدُّ يَلِيهِما بولاية الإجبارِ، صَحَّ في الأَصَحِّ، لقوَّةِ ولايتِهِ فيشترطُ الإتيانُ بشِقَّي الإيجابِ والقبولِ، وقيل: يكفي أحدَهما، والثاني: لا يصحُّ، لأن خِطَابَ الإنسانِ معَ نفسِهِ لا يَنْتَظِمُ. وبنَى القاضي حُسين الخلافَ على الخلافِ في بيعِ الأبِ مالَ أحدِ الوالدين مِن الآخرِ وهما تحت حُجْرِهِ، ولو أرادَ أن يُزَوِّجَ بنتَ بنتِهِ وهو وليُّها من جهَةِ العُمُومَةِ بابنٍ لهُ تحت حجرهِ ففيهِ وجهانِ حكاهُما الإمامُ؛ وقال: إنهما مشهوران وكأنَّهُ أشارَ إلى مسألةِ الكتابِ، ورأى أنهُ لا يختصُّ بكونهما مجبورين، وفي الحاوي: أنَّ الوليَّ لو أرادَ أن يزوِّجَ وليَّتَهُ بابنه كوليٍّ هُو عَمٌّ فأراد أن يزوِّجَ بنتَ أخيهِ بابنِهِ، فإنْ كانت صغيرةً لم يُجْزِ لأنه لا يَمْلِكُ إجبارَها، وإن كانت كبيرةً وابنُهُ صغيرٌ لم يُجْزِ أيضًا، لأنه يصيرُ باذلًا للنكاح عليها وقابلًا لهُ عن ابنِهِ فاجتمَعَ الْبَذْلُ والقبولُ مِن جهتِهِ فلمْ يصحَّ كما في نفسه، وإن كان ابنُهُ كبيرًا ففي جواز تزويجه بها وجهان. وجهُ المنعِ: أنهُ يميلُ بالطبعِ إلى حَظِّ الابنِ دونَها، قال ابنُ الرفعةِ: وهذا قريبٌ إنْ كان عند إطلاقِ الإذنِ وبعيدٍّ مع التنصيصِ عليه.

فَرْعٌ: وقال الرافعىُّ: لِلْعَمِّ تزويجُ بنتِ أخيهِ بابنِهِ البالِغِ، ولابن العَمِّ تزويجُها بابنِهِ على المذهب، فيهما هذا إذا أطلقَتِ الإذنَ وجوَّزناه، فإنْ عَيَّنَتْهُ في الإذنِ جازَ قطعًا لانتفاء التُّهْمَةِ، وإن زوَّجها بابنِهِ الطفلِ لم يصحَّ على المذهب، لأنهُ نكاحٌ لم يحضُرْهُ أربعةٌ وليس له قوَّةُ الْجُدُودَةِ.

وَلاَ يُزَوِّجُ ابْنُ الْعَمِّ نَفْسَهُ بَل يُزَوِّجُهُ ابْنُ عَمِّ في دَرَجَتِهِ، فإنْ فُقِدَ فَالْقَاضِي، لِفَقْدِ المعنَى الذي في الْجَدِّ والمعتقُ كابنِ العَمِّ، فَلَوْ أَرَادَ الْقَاضِي نِكَاحَ مَنْ لاَ وَلِيَّ لَهَا زَوَّجَهُ مَنْ فَوْقَهُ مِنَ الْوُلاَةِ أَوْ خَلِيْفَتُهُ، هذا هو الأصَحُّ وذهبَ أبو يحيَى البلخيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>