للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الماوردي: إن كان العاقدُ عالمًا بأنَّ الزوجَ غيرَ كفوءٍ بطلَ، وإن لم يعلمْ إلاَّ بعدَ العقدِ ثبتَ الخِيَارُ، وَيَجْرِي الْقَوْلاَنِ في تَزْوِيْجِ الأَبِ، والجدِّ، بِكْرًا صَغِيْرَةً أَوْ بَالِغَةً غَيْرَ كُفءٍ بِغَيْرِ رِضَاهَا فَفِي الأظْهَرِ بَاطلٌ، لأنهُ خلافُ الغِبطةِ، وإذا كان وليُّ المال، لا يصحُّ تصرُّفهُ فيهِ بغيرِ الغبطةِ فوليُّ البُضْعِ أوْلى، وَفِي الآخَرِ يَصِحُّ، لأنَّ النُقصان يقتضي الخيار، لا البطلان كما تقدَّم.

وَللْبَالِغَةِ الْخِيَارُ، وَلِلصَّغِيرَةِ إِذَا بَلَغَت، يعني إذا صحَّحنا وفاءٌ لحقها، وقيل: إنْ عَلِمَ الوليُّ عدم الكفاءة فالنكاحُ باطلٌ وإلا فيصحُّ ويجري الخلافُ أيضًا في تزويج غير المُجبر إذا أذِنَتْ في التزويج مطلقًا، وقلنا: لا يشترطُ تعيينُ الزَّوْج.

فَرْعٌ: لو زوَّجها بعضُ الأولياءِ بكفوءٍ دونَ المهرِ برضَاها دُوْنَ رِضَى بقيَّةِ الأولياءِ صَحَّ قطعًا، إذ لا حق لهُمْ في المهرِ ولا عَارَ.

فَرْعٌ: رضيَ الجميعُ بتزويجها بغيرِ كفوءٍ ثم خالَعَها ثم زوَّجَها أحدُهم بهِ برضَاها دونَ إذْنِ الباقين، فقيل: يصحُّ قطعًا، لأنهُم رَضُوا به أولًا، وقيل: على الخلاف، لأنه عقدٌ جديدٌ حكاهُ البَغَوِيُّ.

وَلَوْ طَلَبَتْ مَن لاَ وَليَّ لَهَا أَن يُزَوِّجَهَا السُّلْطَانُ بِغَيرِ كُفءٍ فَفَعَلَ لَمْ يَصحَّ في الأصَحِّ، لأنهُ كالنائب، فلا يُترَكُ الحظُّ. والثانى: يصحُّ كالوليِّ بالنسبِ والولاءِ وتؤيدُهُ قصَّة فاطمةُ بنتُ قيسٍ السَّالفة إذا فرَّعْنَا على أنَّ موالي قريشٍ لَيسُوا أكفاءَ قريشٍ وهُو رأيُ الجمهورِ كما سلف، والظاهرُ أنهُ لم يكن لها وليٌّ خاصٌّ أعني مستحِقًّا للولاية، لأن أخاها الضَّحاكُ إمَّا كانَ صغيرًا أو لَم يُسلِمْ وهي قُرَشِيَّةٌ وهو كَلْبِي كَمَا سلَفَ (٤٣٣). لكن للأوَّلِ أن يُجيب عن هذه بأنهُ ليس في الحديثِ أنه - صلى الله عليه وسلم -


(٤٣٣) • في الحاوى الكبير: ج ٩ ص ١٠٧ - ١٠٨: قال الماوردى: (فاطمة بنت قيس المخزومية، وهي بنت عمَّةِ النبي - صلى الله عليه وسلم -). انتهى.
• وهي فاطمة بنت قيس بن خالدٍ القُرَشيُّةُ الفِهرِيَّةُ أُخت الضحاك بن قيس الأمير، وكانت أسَنَّ منه. وكانت من المهاجرات الأول؛ وكانت ذات جمال وعقل وكمال. وفي بيتها اجتمع أصحابُ الشورى عند قتل عمر بن الخطاب. قال الزبير: =

<<  <  ج: ص:  >  >>