يأذَنْ ولم يكره. أمَّا إجبارُهُ عليهِ فبعيدٌ، وَاعْلَمْ: أنَّ الشَّافِعِيَّ نصَّ فِي المختصرِ على أنَّ السفِيهَ يُزَوِّجُهُ وَلِيُّهُ فرُبَّمَا استأنَسَ بهِ الآخرونَ وحملَهُ الأوَّلُونَ على أصلِ التزويج ثم يُراعَى شرطُهُ، ونقلَ الرَّبيعُ: أنهُ لا يُزوِّجُهُ وَلِيُّهُ، قال الرافعيُّ: واتفقوا على أنهُ ليسَ اختلافَ قولٍ بل حَمَلَ قومٌ روايَةَ الربيع على القَيِّمِ الَّذِي لم يأذَنْ لهُ الحاكمُ فِي التزويج، وبعضُهُم على ما إذا لم يحتَجِ السفيهُ إلى النكاح، وتردَّدَ ابنُ الرفعةِ بينَ موافقَةِ الرافعيِّ على ذلكَ وبينَ إثباتِ خلافٍ فيهِ، ثم نقَلَ عن الأُمِّ نَصًّا وقالَ: إنهُ قاطعٌ للنزَاع ومنهُ يجوزُ أنْ يُحْمَلَ على ما حُكى عن الربيع على وليِّ النسبِ دون وليِّ المالِ، وَيَقْبَلُ بِمَهْرِ المِثلِ فَأَقَلَّ، فَإِنْ زَادَ صَحَّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَفِي قَوْلٍ يَبْطُلُ، هُما القولانِ فيما إذا قَبِلَ الأبُ لابنهِ النِّكَاحَ بأكثَرِ مِن مهرِ المثلِ.
فَرْعٌ: لو اشتَدَّتْ حاجَةُ السفيهِ وخافَ الوقوعَ فِي الزِّنَا ولم يجدْ إلَّا امرأةً لا ترضَى إلَّا بأكثرَ من مهر مثلِها، قال الإِمامُ: فِي جرازِ نكاحِهِ إيَّاها احتمالٌ عندي.
وَلَوْ نَكَحَ السَّفِيْهُ بِلَا إِذْنٍ فَبَاطِلٌ، كما لو اشترى بغر إذنه. ويُفَرِّقُ بينهُما قبلَ الدخُولِ وبعدَهُ. وليس للوليِّ أنْ يُجِيزَهُ. قال ابنُ الرفعةِ: ولا يبعُدُ أنْ يأتى فيه القولُ فِي القديمِ بوقْفِ العُقُودِ، وقولهُ (بِلَا إِذْنٍ) أعمُّ من قول الْمُحَرَّر (مِنْ غَيْرِ إِذْنِ الْوَليِّ) لأنهُ يدخلُ فِي عبارةِ الكتابِ فيما إذا استأذنَهُ فمنعَهُ، وَأَذِنَ الحاكمُ فإنهُ يصحُّ قطعًا مع أنَّ الوليَّ يخرجْ بمنعهِ مرَّةً من الولاية لأنهُ صغيرٌ، ولو تزوجَ فِي هذه الحالةِ بنفسهِ من غيرِ مراجعةِ الحاكمِ لم يصِحَّ على الأصحِّ فِي الشرح الصغرِ، ولو تعذَّرَتْ مراجعةُ الوليِّ والحاكمِ، قال ابنُ الرفعةِ: إن لم ينتَهِ إلى خرفِ العَنَتِ فالوجهانِ، وإنِ انتهَى فالأصحُّ الصحَّةُ، وهو أوْلى من المرأةِ فِي الْمَفَازَةِ لا تجدُ وليًّا، فَإنْ وَطِئَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، أي لا حدَّ للشبهة ولا مَهْرَ إذا لم يكن مُكْرَهًا، كما لو اشترى شيئًا فأتلفهُ، واستشكلَهُ الرافعيُّ من جهة أنَّ المهرَ حقُّ الزوجةِ، فقد تَزوَّج ولا شعورَ لها بحال الزوج، فكيف يسقُطُ حقُّها، وأُجيب عنه بأنه يبطُلُ بتمكينها، وسواءٌ علمَتْ بسفهِهِ أو لم تعلَمْ كما صحَّحَهُ فِي الكِفايةِ لتفريطهَا بتركِ البحثِ، ولو فكَّ الحَجْرَ عنهُ فلا شيء عليه أيضًا على المذهب، كما صحَّحَهُ فِي الروضة كالصَّبِيِّ إذا وطِئَ ثم