بيعَها فهى كالْمُكَاتَبَةِ، وقيلَ: يَملِكُهُ، وقيل: لاَ يملِكُ تزويجَها بحالٍ وإنِ اختارَتْ، قال: وعلى هَذا هل للحاكِمِ تزويجُها؟ على وجهين. وأمَةُ المُبعَضِ لا تُزَوَّجُ كما قالهُ البغويُّ في فتاويهِ، ومَن بعضُها حُرٌّ لا تُجبَرُ ولا يُجبرُ سيِّدُها على الصحيح في الروضة، وقيل: يجبَرُ سيِّدُها على الأصحِّ، والمكاتَبَةُ لا يجبِرُها سيِّدُها ولا تنكحُ بدون إذنِهِ ولا تجبُ إجابتُها على الصحيح في الروضة، وقيل: لا تزوجُ أصلاً لاختلاَلِ مِلك المولَى وعدمِ استقلالِها.
وَإِذَا زَوجَهَا فَالأصَح أنَّهُ بِالمِلْكِ لاَ بِالوِلاَيَةِ، لأنهُ يملِكُ الاستمتاعَ بها كما يملِكُ تزويجَها، ووجهُ مقابلِهِ وهر أنهُ بالولايةِ أنَّ عليهِ النظر ورعايَةَ الحَظِّ لها حتى لا يجوزُ تزويجَها من مَعِيْب بِعَيبٍ يُثْبِتُ الخِيَارَ بغيرِ رِضَاها كما سلَفَ قريباً. وكلامُ المصنّف في كونِ التزويج بالمِلْك أوْ بالولايَةِ مقصور على تزويج الأمَةِ وكذلك كلامُ كثيرٍ من الأصحابِ، لكن كلامُ الغزالي كالصريح في أنَّ الخلافَ فيها وفي العبدِ جميعاَ، وقال الرافعى: إنهُ لا يجرِي في العبدِ إلا إذا قلنا بإجبارِهِ عليهِ. قال ابنُ الرفعةِ: وليعرفْ أن السَّيِّدَ إذا قُلنا يزوِّجُ بطريقِ الولايةِ، فسببُ الولايةِ المِلْكُ كما أن سببَ ولايةِ الأبِ القرابةُ، ويتأكدُ القولُ بهذا في العبدِ، فإنَّ مُسْتَمْتَعَهُ غيرُ مملوكٍ للمولَى والعقدُ واردٌ عليهِ فيظهرُ كونُهُ مُتَصَرِّفاً بالولايةِ ولا جَرَمَ خَصَّ مَنْ قَالَ: إنَّ الصحيحَ يتصرفُ بحكْمِ المِلْك ذلكَ بتزوِيج الأمَةِ.
فيُزَوِّجُ مُسلم أمَتَهُ الكَافِرَةَ، أيِ الكتابِيةَ كما هو لفظُ المُحَرَّرِ، وإنما يُتَصَورُ تزويجُهُ إياها بعبدٍ أو حُرٍّ كتابِى إذا أحلَلناهَا لَهُمَا وهُو الصحيحُ كما ذكرَهُ المصنفُ في الباب الآتى، وَفَاسق وَمُكَاتَب، وهذا فرعُهُ على التزويج بالملْك ولهذا أتى بالفاء الْمُفْهِمَةِ لِذَلِكَ وإنْ قُلنا بالولايةِ فلا يزوِّجُ أَمَتَهُ الكافرةَ كما يزوِّجُ ابنتَهُ الكافرةَ، ولا الفاسِقَ إن قلنا الفِسقُ يَسلُبُ الولايَةَ، وكذا المكاتَبُ، لأن الرِّقِّ يمنعُ الولايةَ ولو كان لِكَافِرِ أمَة مسلِمَةٌ أو أمُّ ولَدِ فقال ابنُ الحداد: يُزَوِّجُهَا بِحُكْمِ الْمِلْك، والأصَحُّ المنعُ، لأنَّ المسلِمَ في الولايةِ آكدُ، ولأنهُ يملِكُ الاستمتاعَ بِبُضْعِهَا بخلافِهِ ولو كانَ لمسلِمِ أمَة وَثَنِية أو مَجُوسِية فهل له تزويجُها؟ وجهان مبنيَّان على هاتين العِلَّتين إن قلنا بالأوَّل