للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتحرُمُ زَوجةُ مَن وَلَدتَ، لقوله تعالى: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ} (٤٥٤)، أو وَلَدَكَ، لقوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} (٤٥٥). قال في الأمِّ: أي في الجاهليَّةِ قبلَ علمِكُم بتحريمهِ؛ فإنهُ كانَ أكبرَ ولدٍ للرجُلِ يَخْلِفُ من امرأةِ أبيهِ. مِن نَسَبٍ أوْ رَضَاع، أما النسبُ فللآية وأما الرضاعُ فللحديث المتقدم.

وَأمهَاتُ زَوجَتِكَ، لقوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} (٤٥٤)، مِنْهُمَا، أى من النسب والرضاع لما مرَّ، وَكَذَا بَنَاتهَا إن دَخَلْتَ بِهَا، لقوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ .. الآية}. وذكر الحجور جرياً على الغالب لقوله تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} (٤٥٦) وسواء بنتُ النسبِ والرضاع. وَاعلم أنَّ الثلاثَ الأوَلَ أعنى زوجةَ الأَبِ والابنِ وأمَّ الزوجَةِ يَحْرُمْنَّ بمجرَّدِ العقدِ الصحيح، أما الفاسِدُ فلا يتعلْقُ به حُرْمَةُ المُصَاهَرَةِ، كما لا يتعلقُ به حِلُّ المنكوحَةِ، هذا هو الصوابُ، وقد صرح به الرافعي في المُحَرَّرِ، وحذفَهُ المصنفُ، وقال في الدقائِقِ: إن الصوابَ حذفُهُ، وعلَّلهُ بأن حرمَةَ المصاهرَةِ تثبُتُ بالنكاح الفاسدِ، وهو عجيب فَاجتنبهُ.

وَمَن وَطِئ امْرَأةَ بِمِلكٍ حَرُمَ عَلَيهِ أمهَاتُهَا وَبَنَاتهَا وَحَرُمت عَلَى آبائهِ وَأبنَائهِ، لأن الوطءَ في مِلْك اليمينِ نازل منزلةَ عقدِ النكاح، ولهذا يحرُمُ الجمعُ بينَ وطءِ الأُختينِ في الملك كما يحرُمُ الجمعُ في النكاح، وَكَذَا الموطُوءَةُ بِشبهَةٍ، كما يثبتُ النسب ويوجِبُ العِدة، في حَقِّهِ، أي يثبتُ التحريمُ إذا اشتبَهَ الحالُ عليه ولا يثبتُ إذا لم يشتبِهْ عليه كما في النسبِ والعِدَّةِ فيهما، قِيلَ: أوْ حَقهَا، اتباعاً لها، وعلى هذا وجهان أحدُهما: يختَصُّ بمنِ اختصتِ الشبهَةُ بهِ، والثانى: أنها تَعُمُّ الطرفينِ كالنسب.

فَرْعٌ: لو كانَتِ المرأةُ مَيِّتَةً فلا تثبتُ حرمةُ المصاهرةِ بوطْئِها كما حزم به الرافعيُّ أولَ الرضاع، وحكى في البحر هنا احتمالين عن والدهِ ثم قال: وعندى أنه لا يتعلَّقُ به تحريم لأنها كالبهيمةِ.


(٤٥٤) النساء / ٢٣.
(٤٥٥) النساء / ٢٣.
(٤٥٦) البقرة / ٢٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>