للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأصح كما يفهمه كلامه الجوازُ لأن التي تحتَهُ لا تُغْنِيْهِ، وعبارةُ المُحَرر: الأحْوَطُ الْمَنْعُ؛ فكأنهُ فَهِمَ من لفظة الأحوطُ الاحتياط لا أنه لفظ ترجيح كالأعدل ونحوه، فلذلك صحح الجواز ولا تصحيح في الروضة تبعًا للشرح ووقع فيهما أن القاضي حُسين صححَ أحد الوجهين (•) وناقشه صاحب المطلب فيه فقال: الذي رأيتهُ في تعليقِهِ إطلاقُ الوجهينِ من غير ترجيح.

وَأَن يَعجِزَ عَن حُرةِ، أي إمَّا لفَقْدِهَا أو لِفَقدِ صَدَاقِهَا ولقولهِ تعالىَ: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ ... } الآية (٤٦٣) والطَّوَلُ السِّعَةُ وَالفَضلُ. تَصلُحُ، أي للاستمتاع، ولو قَدَرَ على حُرَّةٍ كتابيَّةٍ لم تَحِل الأمَةُ في الأصحِّ، وذكْرُ المؤمناتِ في الآية جرَى على الغالب، قَيلَ: أَوْ لاَ تَصْلُحُ، أيْ كما إذا كانت صَغيرة أو رَتقَاءَ أو قَرْنَاءَ أو مَجْذُومَة أو بَرْصَاءَ أو مُعْتَدَّةَ عن غيرهِ لحصُول بعض الاستمتاعات، والأصح الجوازُ لأنه لم يحصل منها ما هو المقصودُ الأصلي، وأحَالَ في المُحَرر الخلافَ هنا على الخلافِ السابقِ وقد عَلِمتَ ما فيهِ، نَعَمْ: صححَ في الشرح الصغير الجوازَ وأفهمَهُ إيرادُ الكبير أيضًا. وَاعلَم: أن المُعْتَدَّةَ لا يصح نكاحُها فكيفَ يمنعُ وجودُها من نِكاح الأمَةِ على وجهِ وتَمَحَّلَ لهُ في المطلبِ بصورةٍ: وهي ما إذا أبانَها بدُون ثلاثٍ؛ ثم وطِئَتْ بشبهةٍ فإنها تعتد لهُ بعد ذلك، وهل للمطلقِ أنْ يتزوَّجَها في عِدَّةِ نفسِهِ؟ وجهان. فإنْ قُلنا: لهُ ذلك لم يطأها، فَلَوْ قَدَرَ عَلَى غَائِبَةٍ حَلَّت لَهُ أَمَة إِنْ لَحِقَهُ مَشَقَّة ظَاهِرَة في قَصْدِهَا أَوْ خَافَ زِنَا مُدَّتَهُ، أي وإلاّ فلا. قال الإمامُ: والمشقَّةُ المعتبرَةُ أنَّ القدرَةَ يَنْسِبُ متحمِّلُها في طلبِ زوجةٍ إلى الإسرافِ ومجاوزَةِ الحدِّ.

فَرْعٌ: المال الغائب لا يمنع نكاح الأمَةَ كما لا يمنع ابن السبيل من الزكاة. وَلَوْ وَجَدَ حُرَّة بِمُؤَجل، أي وهو يتوقعُ القدرَةَ عليهِ عند المحلِّ أو وجدَ من يبيعَهُ نسيئة ما يفي بصداقها أو وجدَ من يستأجرْهُ بأجرةٍ معجلة، أَوْ بِدُونِ مَهْرِ مِثْلٍ، أي وهو يجدُهُ، فَالأصَح حِلُّ أَمَةٍ في الأوْلَى؛ لأن ذمتَهُ تصيرُ مشغولة في الحالِ


(•) في النسخة (٢): أن القاضي صحح الجواز.
(٤٦٣) النساء / ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>