للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومجوسيَّةٍ فبلغَ واختارَ التَّمَجُّسَ؛ فعَنِ القفَّالِ: أنهُ يُمَكَّنُ منهُ وتجري عليهِ أحكامُ المجوسِ، وقال الإمامُ: لا يمنعُ أنْ يقالَ إذا أثبتنا لهُ حكمَ اليهودِ في الذبيحَةِ والمناكحَةِ أنْ يَمْنَعَهُ من التمجُّسِ إذا منَعْنَا انتقالَ الكافرِ من دِيْنٍ إلى دِيْنٍ، وَإِنْ خَالَفَتِ السَّامِرَةُ الْيَهُودَ وَالصَّابِئُونَ النَّصَارَى فِي أَصْلِ دِيْنِهِمْ، أي ولا يُأَوِّلُونَ نَصَّ كتابهم، حَرُمْنَ، أي كالمجوس، وَإِلَّا فَلاَ، وإن كانوا يخالفونهم في الفروع ويُؤوِّلون نصَّ كتابهم فلا بأس بمناكحتِهم وهذا هو المنصوصُ، وأطلقَ بعضُهم حكايةَ قولين في مناكحتهم، قال الإمام: لا مجالَ للخلافِ فيمن يكفِّرُهُم اليهودُ والنصارَى ويخرجونَهُم عنهُم؛ لكن يمكنُ الخلافُ فيمن جعلوهُ كالمبتدع، وإذا شَكَكْنَا في جماعةٍ أيخالفونَهُم في الأُصول أَمِ الفرُوعِ لم يناكحهم، والصابئون فيما نقل، فرقتان فرقةٌ توافِقُ النصارَى في أُصول الدِّينِ وفرقةٌ تُخَالِفُهُمْ وهم الذى أفتَى الاصطخري بقتلِهِم.

فَصْلٌ: وَلَوْ تَهَوَّدَ نَصْرَانِيٌّ أَوْ عَكْسُهُ، أي أو تنصَّرَ يهوديٌّ، لَمْ يُقَرَّ فِي الأَظْهَرِ، الخلافُ مبنيٌّ على أنَّ الكفرَ مِلَّةٌ واحدةٌ، أمْ لا؟ وصحَّحَ الرافعيُّ في الشرح الصغير أنه يُقَرُّ، فإِنْ كَانَتِ امْرَأَةً لَمْ تَحِلَّ لِمُسْلِمٍ، كالمسلمة إذا ارتدَّتْ، فَإِنْ كَانَتْ مَنْكُوحَتَهُ فَكَرِدَّةِ مُسْلِمَةٍ، فتتنجزُ الفرقةُ قبلَ الدخول وتتوقف على انقضاء العِدَّةِ بعدهُ، وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهُ إِلَّا الإِسْلاَمُ، لقوله تعالى {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} (٤٦٨)، وَفِي قَوْلٍ: أَوْ دِيْنُهُ الأَوَّلُ، لأنهُ كان مُقَرًّا عليه، وَلَوْ تَوَثَّنَ لَمْ يُقَرَّ، لأنَّ أهله لا يُقَرُّونَ عليه، وَفِيْمَا يُقْبَلُ الْقَوْلاَنِ، أي المذكوران، وَلَوْ تَهَوَّدَ وَثَنِيٌّ أَوْ تَنَصَّرَ لَمْ يُقَرَّ وَيتَعَيَّنُ الإِسْلاَمُ كَمُسْلِمٍ ارْتَدَّ، لأنهُ كان لا يُقَرُّ فلا يستفيدُهُ بباطلٍ.

وَلاَ تَحِلُّ مُرْتَدَّةٌ لأَحَدٍ، أيْ لا لمسلمٍ لأنها كافرةٌ لا تُقَرُّ؛ ولا لكافر لبقاء عُلقةِ الإسلامِ فيها، وَلَوِ ارْتَدَّ زَوْجَانِ، أي إمَّا معاً أو على التَّعَاقُبِ، أَوْ أَحَدِهِمَا قَبْلَ دُخُولٍ تَنَجَّزَتِ الْفُرْقَةُ، أَوْ بَعْدَهُ وُقِفَتْ، فَإِنْ جَمَعَهُمَا الإِسْلاَمُ فِي الْعِدَّةِ دَامَ النِّكَاحُ، وَإِلَّا فَالْفُرْقَةُ مِنَ الرِّدَّةِ، لأنهُ اختلافُ دِيْنٍ طَرَأَ بعدَ الْمَسِيْسِ؛ فلا يوجِبُ الفسخَ في الحالِ كإسلام أحدِ الزوجينِ الكافرينِ.


(٤٦٨) آل عمران / ٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>