فلا رجوعَ بالمهرِ قطعًا إذ لا غرور، وقال المتولى: القولان إذا كانَ الْمَغْرُومُ هو مهرُ المثلِ، أمَّا إذا كانَ المسمَّى فلا رجوعَ. والأصح ما ذكرَهُ البغوي: أنهُ لا فرقَ بين المسمَّى ومهرِ المثلِ.
ويشْتَرَطُ فِي الْعُنَّةِ رَفْعٌ إِلَى حَاكِمٍ وَكَذَا سائِرُ الْعُيُوبِ فِي الأصَح، لأنهُ مجتهدٌ فيه، والثاني: لا، كفسخ المبيع بالعيبِ، وهذا في غيرِ الْعُنةِ كما صرَّحَ به المصنفُ، أمَّا العُنةُ فيشترطُ فيها الرفعُ قطعاً، قال البغويُّ: وعلى الوجهينِ لو أخرَ إلى أنْ يأتي الحاكمُ ويفسِخُ بحضرتِهِ جازَ.
فَصلٌ: وَتَثْبُتُ الْعُنَّةُ بإِقْرَارِهِ، كغيرها من الحقوقِ ومن هذا يؤخذُ أنهُ لا تُسْمَعُ دعوَى امرأةِ الصبيِّ والمجنونِ العُنةَ عليهِما لسقوطِ قولِهِما، أَوْ بَيِّنةٍ عَلَى إِقْرَارِهِ، أيْ ولا يُتَصَوَّرُ ثُبُوتُها بالبَيِّنَةِ لأنهُ لا مُطلَعَ للشهُودِ عليها، وَكَذَا بِيَمِيْنِها بَعْدَ نُكُولِه، أيْ عن اليمينِ، فِي الأصَحِّ، لأنها تعرِف الحالَ بالقرائِنِ وطُوْلِ الصُّحبةِ والممارسَةِ، والثاني: يقضِي عليه بالنكولِ وتضرَبُ الْمُدَّةُ بغير يَميِنها، وَإِذا ثَبَتَتْ؛ ضَرَبَ الْقَاضِي لَهُ سَنَة، بالإجماع والمعنَى فيه مُضىُّ الفصول الأربعةِ، فإنْ كانَ ثم مانع زال فيها؛ وأوَّلُ هذهِ المدَّةِ من يومِ المرافعَةِ وضربِ القاضِي، بِطَلَبها، أي إنما يضربُ القاضي المدَّةَ بطلبِها فإنها حَقها فلو سكتَتْ فلا يَضْرِبُ. نَعَم: إنْ حملَ القاضِي سُكُوتَها على دَهشٍ أو جَهْل فلا بأسَ بتَنْبِيْهها، فَإِذَا تَمتْ، أي السَّنَةُ، رَفَعَتْهُ إِلَيْهِ، أي ولم يكنْ لها أنْ تفسِخَ النكاحَ، لأنَّ بناءَ الأمرِ على الإقرارِ والإنكارِ؛ فيحتاجُ إلى نظرِ الحاكمِ واجتهادِهِ، فإن قَالَ: وَطِئْتُ، أيْ إما بعدَ المُدَّةِ أو فيها وهى ثيب، حُلفَ، لأنهُ يتعذرُ إقامةُ البينَةِ عليهِ، والأصلُ سلامَةُ الشخصِ ودوامُ النكاح، وإنْ كانت بِكْرًا فالقولُ قولُها مع يمينِها، فإن نَكَلَ حُلفَتْ، أيْ وفيهِ الخلاف السالفُ، فإن حَلَفَتْ أَوْ أَقَرَّ اسْتَقلتْ بِالْفَسْخ، كما يستقِل بالفسخ من وجدَ بالمبيع تغيُّراً وأنكَرَ البائعُ كونَهُ عَيْباً وأقامَ المشتري على ذلك بَيِّنَة عندَ القاضِي، وَقِيلَ: يَحْتَاجُ إِلَى إِذْنِ الْقَاضِي أَوْ فَسْخِهِ، لأنهُ مَحِلُّ نظر واجتهادٍ، وجزمَ به الرافعىُّ في بابِ