وأمَا الرجوعُ بالمهرِ، إذا قضينَا بالرجوع على الغَارِّ فالتغريرُ السابقُ كالمقارِنِ كذا ذكرَهُ الإمامُ والغزالي، والفرقُ أيْ إنْ تعلَّقَ الضمانُ بالتغريرِ أوسعُ باباً، وَلَوْ غرَّ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ وَصَحَّحْنَاهُ فَالوَلَدُ قَبْلَ الْعِلْمِ حُرٌّ، لظنِّهِ الحُرِّيَّةَ، أمَّا بعدَهُ فهو رقيقٌ، وَعَلَى الْمَغْرُورِ قِيْمَتُهُ لِسَيِّدِهَا، لأنهُ فَوَّتَ الرِّقَّ لظنّهِ الحريَّةَ وتُعتبر قيمتهُ يومَ الولادةِ، ويَرْجِعُ بِهَا، أي بقيمتِهِ، عَلَى الغَارِّ، أيْ إذا غُرِّم؛ لأنه هو الذي أوقعَهُ في الْغَرَامَةِ، وَالتغريرُ بِالْحُريَّةِ لاَ يُتَصَوَّرُ مِنْ سَيِّدِهَا، لأنهُ متَى ما قالَ: زَوَّجْتُكَ هذه الْحُرَّةَ أو على أنها حُرَّة عُتِقَتْ كذا قالهُ الرافعى؛ وفيه نظر؛ لأنَّ ذلك ليس صريحًا في الإنشاءِ، بَل مِنْ وَكِيلِهِ أَوْ مِنْهَا، أى ولا اعتبارَ بقولِ من ليسَ بعاقدٍ ولا معقودٍ عليهِ، ويتصوَّرُ أيضًا في مسائلَ أُخَر غيرُ ما ذكرَهُ؛ منها ما إذا كان اسمُها حُرَّة، ومنها إذا رهَنَها وهو معسر وأذنَ له المرتهِنُ في تزويجِها في وجها وشرطَ حرِّيَّتَها، ومنها لو كان سفيهاً وزوُّجها بإذن ولِيِّهِ، فَإن كَان مِنهَا تَعَلّقَ الْغُرْمُ بِذِمَّتِهَا، أي فتطالَبُ به إذا عُتِقَتْ ولا يتعلَّقُ بِكَسبِها ولا بِرَقَبَتِهَا، وَلَوِ انْفَصَلَ الوَلَدُ مَيْتاً بِلاَ جِنَايَةِ فَلاَ شَيْءَ فيْهِ، أيْ عليهِ لعدمِ تَيَقنِ حياتهِ، وإنِ انفصلَ بجناية فإنْ كانَ أجنبياً فيجبُ على عَاقِلَةِ الجانِي غُرَّةُ الجنينِ، ويَغْرَمُ المغرور عُشْرَ قيمةِ الأُم للسَّيدِ، وإن زادَتْ على قيمَةِ الغُرَّةِ على الأصح وإن كان المغرورُ أو عبْدُهُ أو سَيِّدُ الأمَةِ؛ فللسَّيِّد أيضاً عُشْرُ قيمةِ الأُمِّ.
فَرْعٌ: خيار الغُرور على الفورِ على أصح الطريقين كخيارِ العيبِ.
فَصْلٌ: وَمَنْ عُتِقَتْ تَحْتَ رَقِيقٍ أَوْ مَنْ فِيْهِ رِقٌّ تَخَيَّرَتْ فِي فَسْخ النِّكَاح، بالإجماع، وصورَةُ المسألةِ ما إذا وقعَ العِتْقُ في الصحةِ وفي المرضِ بعدَ الدخولِ أو قبلَهُ وخرجَتْ من ثُلُثِ مالِ المعتقِ سوَى الصَّدَاقِ، أمَّا إذا لم تخرجْ من الثُّلُثِ إلا بِضَمِّ الصدَاقِ إلى المالِ فلا خيارَ لها، إذ لو ثبَتَ وترتبَ عليه الفسخُ لَسَقَطَ الصداقُ فَيُرَقُّ بعضُها بسبب سقوطهِ ومتى عاد الرِّقُّ في بعضِها امتنَعَ الخيارُ فثبوتُهُ يؤدِّي إلى نفيِهِ فَمُنِعَ من أصلِهِ.
فَرْعٌ: لو عُتِقَ الزوجُ قبلَ أنْ يفسخَ العتيقَةَ؛ فالأظهرُ أنهُ لا خيارَ لها لزوالِ الضرَرِ.