فَرْعٌ: الأصحُّ في الروضةِ وجوبُ المهرِ والحالة هذهِ؛ لأنه يجب بسببٍ واحدٍ وقد حصَلَ، والثاني: لا، كالنفقة.
وَلَوْ أَخلَى في دَارِهِ بَنتاً؛ وَقالَ للِزوج: تخلو بِهَا فِيهِ؛ لَم يَلزَمه فِي الأصَحِّ، لأن الحَيَاءَ والمروءَةَ يمنعانِهِ مِن دخولِ دارِ السَّيِّدِ، والثاني: يلزم، لتدومَ يَدُهُ على مِلْكِهِ وفيهِ وُصُولُ الزوج إلى غَرَضِهِ، فعَلَى الأولِ لا نفقةَ، وقوله (الأصَحِّ) مخالف لما في الروضةِ حيث عبرَ بالأظهَرِ، للسَّيِّدِ السَّفرُ بِهَا، لأنه مالِك رقبتهَا فيقدمُ جانبه على جانب مالِك المنفعَةِ، وللزوج صُحبتُهَا، أي ولا تمْنَعُ من ذلك ليستمتِعَ بها في وَقتهِ؛ لأن السفرَ كالحضَرِ، وَالمَذهبُ أن السَّيِّدَ لَو قتلَهَا أَو قَتَلَت نَفسَهَا قَبلَ دُخولٍ سقَطَ مَهرُهَا، وِإنَّ الحُرَّةَ لو قتلَت نَفْسَهَا، أَو قتلَ الأمَةَ أجنَبِي أو مَاتت فلاَ، كَما لَو هَلَكتا بَعدَ دُخُولٍ، لأنَّ الحرة كَالمُسَلمَةِ إلى الزوج بالعقدِ، ولهذا يملِكُ منعَهَا من السفرِ بخلافِ الأمَةِ، وَاعلَم: أن الشافعي نَص في الأمِّ في الحالين المذكورين كما ذكرَهُ المصنِّفُ على ما في الكِفَايَةِ وفي الرافعي عن النص الأولِ وحدها، ونص في الحرة إذا قتلَت نفسَها أنهُ لا يسقطُ كما ذكرَهُ أيضاً، فقيل بتقرير النصينِ كما ذكرت والأصح طردُ قولين فيهِما أصحُّهما ما ذكرناهُ، ووجهُ المنع فيهِما أنها فِرقَة حصلَتْ بانتهاءِ العُمُرِ فكانت كالموتِ، ووجهُ السقُوطِ انقطاعُ النكاح قبلَ الدخولِ مِن قِبَلِ مستحِقِّ المهرِ فكانَ كالرِّدَّة، وكان ينبغي للمصنِّف أنْ يُعَبِّرَ في قتلِ الأمَةِ نفسَها والأجنبي وموتها بالصحيح كما عبَّرَ به في الروضةِ بذلك خَلا الأول، والرافعي في المُحَررِ عبَّرَ بالظاهِرِ ومرادُهُ في الخلافِ حيثُ كان.
وَلَو بَاعَ مُزَوجَةَ فَالمَهرُ لِلبَائع، أىِ سواء جرَى الدخولُ قبل البيع أو بعده لأنهُ وجبَ بالعقدِ؛ والعقد كان في مِلْكِهِ، فَإن طُلقَت قَبلَ دُخولِ فَنِصْفهُ لَه، لأنها فِرْقة حصلَت قبلَ الدخولِ، وَلَو زَوَّجَ أمَتَهُ بِعَبدِهِ لَم يَجِب مَهرٍ، لأن السَّيِّدَ لا يثبتُ له على عبدِهِ دَين بدليلِ جنايتهِ عليهِ وإتلافِهِ، وهُنا فوائدُ في الأصلِ فَرَاجِعْهَا مِنْهُ.