الفَمِ؛ لأنهُ وقتُ التصرُّف بالإتلافِ فلا بدَّ أنْ يتقدَّمَهُ، وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيْهِ إِلَّا بِأَكْلٍ، أيْ فلا يتصرَّفُ فيه بِهِبَةٍ وبيعٍ كما لا يُعِيْرُ المستعارَ، وَلَهُ أَخْذُ مَا يَعْلَمُ رِضَاهُ بِهِ، لأنَّ مَدَارَ الضيافَةِ على طِيْبِ النفسِ فإذا تحقَّقَ ولو بالقرينةِ رَتَّبَ عليهِ مقتضاهُ، ويختلفُ ذلك بقدرِ المأخُوذِ وجنسِهِ ومجالِ الْمُضَيِّفِ وبالدعوةِ، فإنْ شَكَّ في وقوعِهِ في مَحِلِّ الْمُسَامَحَةِ فالأصحُّ التحريمُ.
وَيَحِلُّ نَثْرُ سُكَّرٍ، أي وهو رميُهُ مفرَّقًا، وَغَيْرِهِ لى الإِمْلَاكِ، أيْ كالجَوْزِ واللَّوْزِ وكذا الدَّرَاهِمَ والدَّنَانِيْرَ كما ذكرهُ المسعوديُّ وإنْ سكَتَ عنهُ الأكثرونَ، وَلَا يُكْرَهُ في الأصَحِّ، أيْ بلْ تركُهُ أَوْلى؛ لأنهُ وَرَدَ فعلُهُ، والثانى: نَعَمْ، لأنَّ التقاطَهُ دَنَاءَةٌ، ونقلَهُ الماورديُّ عن الجمهورِ، والثالثُ: أنهُ مستحَبٌّ، وَيَحِلُّ الْتِقَاطُهُ، وَتَرْكُهُ أَوْلَى، أيْ إلَّا إذا عَرَفَ أنَّ النَّاثِرَ لا يُؤْثِرُ بعضَهم على بعضٍ، ولم يقدَحِ الالتقاطُ في مروءتِهِ، ونصَّ الشافعي في الأُمِّ على كراهَةِ التقاطِهِ. ونقلَهُ في الروضة من زوائدِهِ في كتابِ الشهاداتِ عن الشَّامِلِ، قال ابنُ داود: الأَوْلى أنْ يقسم النُّثَار على الحُضُورِ، أمَّا أخذُهُ من الهواءِ قبل وقُوعِهِ على الأرضِ فمكروهٌّ قطعًا، نَعَمْ؛ إنْ أخَذَهُ مَلَكَهُ.
فَرْعٌ: لو التقطَ النثارَ صبيٌّ مَلَكَهُ، وكذا لو التقطَهُ عبدٌ مَلَكَهُ سيِّدُهُ؛ والختانُ في هذا كالإِمْلَاكِ ذكرَهُ في الروضةِ من زوائدهِ.
فَائِدَةٌ: نَخْتِمُ بِهَا الْبَابَ: مِنْ أدَبِ الضَّيْفِ أنْ لا يخرُجَ إلَّا بِرِضَى صاحِبِ المنزِلِ وإذنِهِ. ومِنْ أدَبِ الْمُضَيِّفِ أنْ يُشَيِّعَهُ عِنْدَ خُرُوجِهِ إلى بابِ الدَّارِ فَهُوَ سُنَّة. وينبغي للضيفِ أنْ لا يجلُسَ في مقابلةِ حُجْرَةِ النِّساءِ وَسَتْرِهِنَّ، ولا يُكْثِرَ النظرَ إلى الموضعِ الذي يخرجُ منهُ الطعامُ، وإذا حضرَ المدعُوُّونَ وتأخَّرَ واحدٌ أو إثنانِ عن الوقتِ الموعودِ فَحَقُّ الحاضرينَ في التعجيلِ أَوْلى من حقِّهِما في التأخير إلَّا أنْ يكونَ المتأخِّرُ فقيرًا ينكسرُ قلبُهُ بذلكَ فلا بأسَ بانتظارِهِ، وينبغي أن تقدَّمَ الفاكهةُ إنْ كانَتْ لسرعَةِ انهضامِها ثم اللَّحْمُ ثم الحلاوَةُ، ويستحبُّ أنْ يكونَ على المائدَةِ الْبَقْلُ، وإذا دخلَ ضَيْفٌ لِلْمَبِيْتِ فَلْيُعَرِّفْهُ ربُّ الدارِ عند الدخولِ الْقِبْلَةَ وبيتَ الماءِ وموضِعَ الوضُوءِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute