صريحٌ فيه، وَلَوْ قَالَ: أَنتِ عَلَيَّ حَرَام أَوْ حَرَّمتُكِ وَنَوَى طَلاَقًا أَوْ ظِهَارًا حَصَلَ، أي ما نواهُ؛ لأن الظهَارَ يقتضى التحريمَ حتى يكفِّرَ فجازَ أنْ يكنى بالحرامِ عنه، والطلاقُ سببٌ مُحَرِّمٌ ويكونُ هذا الطلاقُ رجعيًّا وإنْ نَوَى عددًا وقعَ ما نَوَى، أَوْ نَوَاهُمَا، أي معًا، تَخَيّرَ وَثبَتَ مَا اخْتَارَهُ، أي ولا يثبُتان جميعًا، لأنَّ الطلاقَ يزيلُ النكاحَ، والظهارُ يستدعى بفاءَهُ، وَقِيلَ: طَلاَقٌ، لأنهُ أقوَى من حيثُ أنهُ يزيلُ النكاحَ، وَقِيلَ: ظِهَارٌ، لأنَّ الأصلَ بقاءُ النكاح، أما إذا نواهُما مرتبًا فقال ابنُ الحداد: إنْ أرادَ الظهارَ ثم الطلاقَ صَحَّا جميعًا، وإن أرادَ الطلاقَ أوَّلًا؛ فإنْ كان بائِنًا فلا معنَى للظهارِ بعدهُ، وإن كان رجعيًّا كان الظهارُ مَوقُوفًا، فإنْ راجَعَها فهو صحيحٌ، والرجعةُ عَوْدٌ وإلّا فهو لَغْوٌ، قال الشيخ أبو على: وهذا التفصيلُ فاسدٌ عندي، لأن اللفظَ الواحدَ إذا لم يجُزْ أنْ يرادَ بهِ التصرفاتُ لم يختلِف الحكمُ بإرادتِهما معًا أو متعاقِبَين، أو تَحرِيْمَ عَينهَا، أي أو فرْجِها أو وطئِها، لم تحرُمْ، وَعَلَيهِ كَفارَةُ يَمِيْنٍ، كما لو قال ذلك لأمَتِهِ، ولا يكونُ يمينًا على الصواب، والأصح لُزُومُ الكفارةِ في الحالِ وإنْ لم يطأ، وَكَذَا إِن لَمْ تَكُن نِيَّةٌ فِي الأظْهَرِ، لأن قولهُ: أنتِ علَيَّ حرامٌ، صريحٌ في وجوبِ الكفارةِ، وَالثانِي لَغوٌ، أي ولا شيءَ عليهِ، ويكونُ هذا اللفظُ كنايةَ في الكفارةِ، وإلّا لم يَصِرْ كناية في الطلاقِ والظهارِ.
تَنْبِيهٌ: التفصيلُ المذكورُ في المسألةِ مستمرٌّ فيمنْ قالَ: أنتِ علَيَّ حرامٌ في البلاد التي لم يشتهِرْ فيها هذا اللفظُ في الطلاق، وكذا حيثُ اشتهرَ إذا قلنا: إنَّ الاشتهارَ لا يلحِقُهُ بالصرائح، أما إذا قلنا: إنه يلحَقُ بالصرائح فيتعيَّنُ الطلاقُ.
فَرْعٌ: لو قالَ أنتِ حرامٌ ولم يقُلْ علَيَّ، فإنهُ كناية بلا خلافٍ، قالهُ البغويُّ.
وَإن قَالَهُ لأمَتِهِ وَنَوَى عِتقًا ثَبَتَ، أي ولا مجالَ للطلاقِ والظهارِ، أَوْ تحرِيمَ عَيْنهَا أَوْ لاَ نِيَّةَ فَكَالزَّوْجَةِ، أي فلا تحرمُ وعليهِ يمين في الأظهرِ في الثانيةِ، وَلَو قَالَ: هَذَا الثَّوبُ أَوِ الطعَامُ أَوِ العَبْدُ حَرامٌ عَلَيَّ فَلَغْوٌ، أيْ لا يتعلقُ به كفارةٌ ولا غيرها، لأنهُ غيرُ قادرٍ على تحريمهِ بخلافِ الزوجةِ والأمَة فإنهُ يقدِرُ على تحريمِهِما بالطلاقِ