للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كما في الوضوء، مَعَ مِرْفَقَيْهِ، لأنه بدل الوضوء. قُلْتُ: والذي يظهر من حيث السنة الصحيحة الاقتصار على الكوعين (٢٥٢).

وَلاَ يَجِبُ إيْصَالُهُ مَنْبَتَ الشَّعْرِ الْخَفِيفِ، أى بخلاف الوضوء لعسره، وَلاَ تَرْتِيبَ فِي نَقْلِهِ فِي الأَصَحِّ، فَلَوْ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ، أي دفعة واحدة، وَمَسَحَ بِيَمِينِهِ وَجْهَهُ وَبِيَسَارِهِ يَمِينَهُ جَازَ، أي وكذا لو ضرب اليمين قبل اليسار ثم مسح بيساره وجهه وبيمينه يساره، لأن الفرض الأصلي المسحُ، والأخذُ وسيلة، والثاني: يشترط كالمسح.

وَتُنْدَبُ التَّسْمِيَةُ، كالوضوء، وَمَسْحُ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ بِضَرَبتَيْنِ، لتكررهما في الأخبار (٢٥٣). قُلْتُ: الأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ وُجُوبُ ضَرْبَتَيْنِ، وَإِنْ أَمْكَنَ بِضَرْبَةٍ بِخِرْقَةٍ وَنَحْوِهَا، وَالله أَعْلَمُ، قُلْتُ: لكن يرده حديث عمار الثابث في الصحيح، والضرب ليس بِمُتَعَيِّن، ولهذا يكفي التَّمَعُّكُ.

وَيُقَدِّمُ يَمِينَهُ وَأَعْلَى وَجْهِهِ، كما في الوضوء، وَيُخَفْفُ الْغُبَارُ، أي ينفخه إن كان كثيراً بحيث لا يبقى إلاّ قدر الحاجة للاتباع (٢٥٤)؛ قال في الأُم: والأحب أن لا


الباري شرح صحيح البخاري: ج ١ ص ٦٠٠ وما بعدها.
(٢٥٢) الكُوعُ: العظم الذى في مَفْصِل الكفِّ؛ يلى الإبهام، وأما الذي يلي الخِنْصَر، فَكُرْسُوعٌ بضم الكاف. تقدمت الإشارة إليه في الرقم (١٤٩)، أما الاقتصار عليها في السُّنَّة الصحيحة، فلما جاء في الأحاديث بلفظ: [فَضَرَبَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بيَدِهِ عَلَى الأرْضِ؛ فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ] رواه البخاري: الحديث (٣٤٣) وفي لفظ: [تَمَعَّكْتُ فأتيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يَكْفِيكَ الْوَجْهُ والكَفَّانِ] رواه البخاري: الحديث (٣٤١). فيستفاد من هذا اللفظ؛ أن ما زاد على الكفين ليس بفرض. ولا يقاس التيمم في هذا على الوضوء، لأن القياس لا يقابل النص وقد وُجد، فلا قياس.
(٢٥٣) لحديث ابن عمر موقوفاً مرفوعاً: [التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ؛ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَينِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ] رواه الدارقطني في السنن: ج ١ ص ١٨٠ - ١٨١، والحاكم في المستدرك: كتاب الطهارة: الحديث (٦٣٤/ ١٨٩).
(٢٥٤) لحديث عمار بن ياسر لعمر بن الخطاب: أَمَا تَذْكُرُ أَنَّا كُنَّا في سَفَرٍ أَنَا وَأَنْتَ؛ فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ، وَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ فَصَلَّيْتُ، فذكرتُ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: [كَانَ =

<<  <  ج: ص:  >  >>