للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ: أَخْبَرَتْنِي بِتَمَامِ الاِسْتِبْرَاءِ صُدِّقَ، أي السيد؛ لأن الاستبراء مفوض إليه، ولهذا لا يحال بينه وبينها، كما صرح به الرافعي بخلاف المعتدة عن وطئ شبهة فإنه يحال بين الزوج وبينها، وَلَا تَصِيْرُ أَمَةٌ فِرَاشًا إِلا بِوَطْءٍ، بالإجماع، فَإِذَا وَلَدَتْ لِلإِمْكَانِ مِنْ وَطْئِهِ لَحِقَهُ، كالنِّكَاح.

وَلَوْ أَقَرَّ بِوَطْءٍ وَنَفَى الْوَلَدَ وَادَّعَى اسْتِبْرَاءً لَمْ يَلْحَقْهُ عَلَى الْمَذهَبِ، لأن جماعة من الصحابة نفوا أولاد جواريهم بذلك (١٢٢)، وعن البويطي وغيره تخريج قول فيه، قال الرافعي: والأول هو المنصوص وظاهر المذهب، وأبدل فِي الروضة ذلك بأن قال: إنه المذهب والمنصوص ومشى عليه هنا، فَإنْ أَنْكَرَتِ الاِسْتبْرَاءَ حُلِّفَ أَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ مِنْهُ، وَقِيلَ: يَجِبُ تَعَرُّضُهُ لِلاِسْتِبْرَاءِ، أي ويكفي ذلك نافيًا للنسب،


(١٢٢) • فِي الحاوي الكبير شرح مختصر المزني: كتاب اللعان: باب الوقت فِي نفي الولد: ج ١١ ص ١٥٣: قال المزني: قال الشافعي -رحمه الله-: (أَنْكَرَ عُمَرُ حَمْلَ جَارِيَةٍ لَهُ؛ فَسَأَلَهَا، فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَنْكَرَ زَيْدٌ حَمْلَ جَارِيَةٍ لَهُ).
• فِي تلخيص الحبير فِي تخريج أحاديث الرافعي الكبير: كتاب الطلاق: باب الاستبراء: ج ٤ ص ٤؛ قال ابن حجر العسقلاني: قوله المنصوص وظاهر المذهب، أن الولد لا يلحقه إذا نفاه، واحتج له، بأن عمر وزيدًا بن ثابت وابن عباس نفوا أولاد جَوَارٍ لهم، هكذا ذكره الرافعي عنهم بلا إسناد فِي الأُم، وكذا ذكره البيهقي عنه؛ فينظر فِي أسانيده، قلتُ: أخرجها عبد الرزاق؛ أما عمر؛ فعن ابن عيينة عن ابن نجيح عن رجل من أهل المدينة: أن عمر كان يعزل عن جارية له، فحملت، فَشُقَّ عليه، فقال: اللهم لا تلحق بآل عمر من ليس منهم. قال: فولد غلامًا أسود. فسألها، فقالت: من راعي الإبل، فاستبشر. وأما زيد، فعن الثوري عن ابن ذكوان عن خارجة بن زيد قال: (كان زيد بن ثابت يقع على جارية له بطيب نفسها، فلما ولدت انتفى من ولدها، وضربها مائة؛ ثم أعتق الغلام). وحدثنا ابن عيينة عن أبي الزناد عن خارجة مثله. وأما ابن عباس؛ فعن محمد بن عمرو عن عمرو بن دينار (أن ابن عباس وقع على جارية له، وكان يعزل عنها، فولدت، فانتفى من ولدها). وعن الثوري عن عبد الكريم الجزري عن زياد، قال: كنت عند ابن عباس، فذكر قصة فيها أنَّه انتفى من ولد جاريته. إنتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>