للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يغلب على الظن أن سببه نقصانه وقلة تمييزه جعل عند الأم كما قاله الأصحاب، وقال الإمام: لا وجه عندي في ذلك إلّا اتباعه بشرط أن لا تتعطل الحضانة بالتردد، قلت: وبه صرح الماوردي.

فَإنِ اخْتارَ الأبَ ذَكَرٌ لَم يَمْنَعْهُ زيَارَةَ أمِّهِ، أي وجوبًا كيلا يكون قاطعًا للرحم، وَيمْنَعُ أنْثَى، أي من زيارة أمها لأنها من الحرم فتمنع من البروز لِتألفَ الصيانَةَ وعدم التبرج، وفي فتاوي ابن الصلاح: أن للأم أن تطلبها فتنتقل إليها قدر الزيارة (•)، وَلَا يَمنَعُهَا، يعني الأم، دُخُولًا عَلَيهِمَا زَائِرَةً، لما ذكرناه أولًا، وَالزِّيَارَةُ مَرةَ في أيَّام، عملًا بالعادة، فَإن مَرِضَا، أي الذكر والأنثى، فَالأمُّ أَوْلَى بِتَمْرِيضِهِمَا، لأنها أهدى إليه وأشفق، فَإن رَضِي بِهِ في بيتهِ وَإِلَّا فَفِي بيْتهَا، أي ويحترز عن الخلوة بها إذا كان في بيته، وَإِنِ اختَارَهَا ذَكَرٌ فَعِندَهَا لَيلًا وَعِنْدَ الأبِ نهَارًا أَوْ يُؤَدِّبهُ ويسلِّمَهُ لِمَكْتَبٍ، أي إن كان من أهل التعلم، أَوْ حِرْفَةِ، أي إن لم يكن من أهله، والرجوع في ذلك إلى عرف أهله، لأنَّ المقصود من الكفالة حظه، وبهذا يحصل له الحظ، أو أنْثَى فَعِنْدَهَا لَيلًا وَنَهَارًا، طلبًا لسترها، وَيزُوْرُهَا الأبُ عَلَى الْعادَةِ، أي ولا يطلب إحضارها إلى عنده لتألف الصيانة والتستر، وَإِنِ اختارَهَمَا، أقْرِعَ، قطعًا للنزاع، فَإن لَم يَخْتَر، واحدًا منهما، فَالأمُّ أَوْلَى، استصحابًا لما كان، وَقِيلَ: يُقْرَعُ، لأنَّه لابد من كفالته إلى البلوغ.

وَلَوْ أَرَادَ أحَدُهُمَا سفَرَ حَاجَةٍ كَان الوَلَدُ المُمَيِّزُ وَغَيرُهُ مَعَ المُقِيمِ حَتَّى يَعُودَ، لما في السَّفر من الخطر والضرر، وسواء طالت المدة أم قصرت، أو سَفَرَ نُقْلَةٍ؛ فَالأب أَوْلَى، أي سواء كان المنتقل الأب أو الأم أو أحدهما إلى بلد والآخر إلى آخر احتياطًا للنسب ومراعاة لمصلحته، وسواء نكحها في بلده أو الغربة، بِشَرْطِ أَمْنِ طَرِيقهِ وَالبَلَدِ الْمَقْصودِ؛ أي فإن كان مخوفًا لم يكن له استصحابه، وكذا لو كان في حرٍّ أو بردٍ شديدين، قِيْلَ: وَمَسَافَةُ قَصرِ، أي فإن كان الانتقال إلى دونها؛


(•) في النسخة (١): فتنفذ إليها قدر الزيادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>