وَتَثْبُتُ بِمَرَّةٍ فِي الأَصَحِّ، أي في حق من اتفقت عادتها فإن اختلفت فبمرتين، والثاني: لا تثبت إلاّ. بمرتين؛ لأنها من العود، وَيُحْكَمُ لِلْمُعْتَادَةِ الْمُمَيِّزَةِ بِالتَّمْيِيزِ لاَ الْعَادَةِ فِي الأَصَحِّ، أي بأن كانت تحيض خمسة من أول كل شهر سوادًا وتطهر الباقي فرأت عشرة سوادًا ثم باقى الشهر حمرة؛ لأن التمييز علامة ظاهرة فتحيض عشرة، والثاني: ترد إلى العادة؛ لأن اعتبارها مجمع عليه فتحيض خمسًا، أَوْ مُتَحَيِّرَةً بِأَنْ نَسِيَتْ عَادَتَهَا قَدْرًا وَوَقْتًا، أي وابتداءً ولا تمييز؛ فإن وجد ردت إليه على المذهب، فَفِي قَوْلٍ: كَمُبْتَدَأَةٍ، بجامع فقد العادة والتمييز، وَالْمَشْهُورُ وُجُوبُ الأِحْتِيَاطِ، إذ ما من زمن يمر عليها إلاّ وتحتمل الحيض والطهر فيجب الأخذ بالاحتياط للضرورة لا لقصد التشديد عليها، نعم: إن طُلِّقَتْ تعتدُّ بثلاثة أشهر إن لم تعرف مقدار دورها في الحال، لا بعد اليأس، كما صححه في بابه اعتبارًا بالغالب ودفعًا للضرر (٢٧٧).
فَيَحْرُمُ الوَطْءُ، لاحتمال الحيض، وَمَسُّ الْمُصْحَفِ وَالْقِرَاءَةُ فِي غَيْرِ الصَّلاَةِ، لاحتماله أَيضًا، أما الفاتحة في الصلاة فتقرأها قطعًا وكذا السورة على الأصح، وَتُصَلِّي الْفَرَائِضَ أَبَدًا، لاحتمال الطهر، وَكَذَا النَّفْلُ فِي الأَصَحِّ، اهتمامًا بها، وثانيهما: لا لعدم الضرورة إليها بخلاف الفرض، وَتَغْتَسِلُ لِكُلِّ فَرْضٍ، أي إن لم تعلم انقطاع الدم في وقت معين لاحتمال انقطاعه، فإن علمته وجب الغسل كل يوم فيه. قاله في التحقيق. قُلْتُ: وذات التقطع في النقاء لاغسل عليها أَيضًا، وسكت المصنف عن قضاء الصلاة بعد فعلها في الوقت، وهو مشعر بعدم وجوبه، وهذا ما
(٢٧٧) هذا كله لحديث فاطمة بنت أبي حبيش: أنها كانت تستحاض؛ فقال لها النبي -صلى الله عليه وسلم-: [إِذَا كَانَ دَمُ الْحَيْضَةِ، فَإنَّهُ أَسْوَدٌ يُعْرَفٌ؛ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَمْسِكِي عَنِ الصَّلَاةِ، فَإِذَا كَانَ الآخِرُ فتَوَضَّئِي وَصَلَّي فَإِنَّمَا هُوَ عَرَقٌ]. رواه أبو داود في السنن: باب إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة: الحديث (٢٨٦). والنسائي في السنن في الحيض: باب الفرق بين دم الحيض والاستحاضة: ج ١ ص ١٨٥، وفي الكبرى: الحديث (٢٢٠/ ٢) عن عروة ابن الزبير عن فاطمة، والحديث (٢٢١/ ٢) عن عائشة رضي الله عنها.