ولم ينفصل الولد، ولم يظهر؟ فلا غرة، لأنا لم نتيقن وجود الجنين فلا نوجب شيئًا بالشك، أوْ حيًا، أي وإن انفصل حيًا، وَبَقِيَ زمَانًا بِلَا أَلَمِ ثم مَاتَ فلَا ضَمَان، لأن الظاهر أن موته بسبب آخر، وَإِن مَات حِينَ خَرَجَ أوْ دَامَ ألَمُهُ وَمَاتَ فدِيَةُ نَفسِ، لأنا تيقنا حياته فأشبه سائر الأحياء، وَلَو ألقت جَنِينَيْنِ فَغُرَّتَانِ، لأن الغرة متعلقة باسم الجنين فيتعدد بتعدده، أوْ يَدًا فَغُرة، لأن العلم حصل بوجود الجنين. والغالب على الظن أن يده بانت بالجناية، وَكَذَا لَحم، قَالَ القَوَابِلُ: فِيْهِ صُوْرَة خَفية، أي لا يعرفها إلا أهل الخبرة لوجوده، قِيلَ: أَو لَا، قُلْنَ: لَوْ بَقيَ لَتَصورَ، كما تنقضي به العدة، والمذهب: لا غرة كما لا تصير به أم ولد، وقد سلف إيضاح ذلك في باب العدد، وَهِيَ عَبد أو أَمَةٌ، للحديث السالف أول الفصل، مُميز، أي فلا يقبل من لا تمييز له؛ لأن الغرة الخيار؛ ومن لا تمييز له لا خيار له، لأنه يحتاج إلى مَنْ يكفله، سلِيم مِنْ عَيْبِ مَبِيْع، لأن المعيب ليس من الخيار، نَعَم: لو رضي بقبوله جاز، وَالأصح: قُبولُ كبيرِ لَمْ يَعْجِزْ بِهرَمِ، لأنه إذا لم ينته إلى الهرم، هو من الخيار، وهذا هو المنصوص، والثاني: لا يقبل بعد عشرين، لنقص الثمن حينئذ، ويشتَرَطُ بُلُوغها نصفَ عُشرِ دِيَةٍ، أي وهي خمس من الإبل، رُوي عن عمر وزيد بن ثابت ولا مخالف لهما (١٩٨)، فإن فُقِدَت، يعني الغرة، فَخمسَةُ أبعِرَة، لأنها مقدرة بالخمس عند وجودها فعند عدمها يأخذ ما كانت مقدرة به، وَقيلَ: لَا يُشْتَرَطُ، أي أن تبلغ الغرة نصف عشر الدية لإطلاق لفظ العبد والأمة في الخبر، فَلِلْفَقْدِ قِيْمَتُها، أي على هذا الوجه كما لو غصب عبدًا فمات، وَهيَ، يعني الغرة، لِورثةِ الجَنِينِ، أي لو انفصل حيًا ثم مات لأنها دية نفسٍ، وَعَلَى عَاقِلَةِ الجَانِي، لحديث أبي هريرة السالف أول
(١٩٨) قال البيهقي: (ذَهبَ الشَّافِعِي إلَى أنها -العَاقِلةُ- تَحمِلُ كُلمَا كَثُرَ وَقَل؛ لأنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لَما حَملَها الأكثَرَ دل عَلَى تَحمِيلها الأيسَرَ، قالَ: وَقضَى رَسول الله - صلى الله عليه وسلم - فِي الجَنِينِ بغُرةِ، وَقضَى بِهِ عَلَى العَاِقلةِ، وَذَلِكَ نِصفُ عُشرِ الديةِ. وَقالَ: أفنترُكُ اليَقِيْنَ أن النبِي - صلى الله عليه وسلم - قَضَى بنصف عُشْر الدِّيَةِ عَلَى العَاقِلَةِ بِظَن). نقله البيهقي في السنن الكبرى: كتاب الديات: باب ما تحمل العاقلة: الأثر (١٦٨٤٨ و ١٦٨٤٩ و ١٦٨٥٢).