• قُلْتُ: في هذا القول نظر! وفيه تفصيل؛ على أن يكون الإمام إمام عدل، استقام على منهاج النبوة في سياسة الرعية. ثم أن في الحكم المعين اجتهاد له، ببذل أقصى الجهد في التحري عن حقيقة الدَّم. وإلا فإن حُرْمَةَ دم المسلم عند الله عظيمة، وفي الحديث عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-؛ أن النبِى - صلى الله عليه وسلم - قال: [لَزَوَالُ الدنيَا أهوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ قَتلِ رَجُل مسلِم]. رواه الترمذي في الجامع: ما جاء في تشديد قتل المؤمن: الحديث (١٣٩٥). فلا تصح الفكرة: بأن يخلى بين الإمام وبين دم فلان مع الله -عز وجل-، وأن يخطئ الإمام بالعفو خير من أن يخطئ بالعقوبة. ولقد أجمع الصحابة على موقف عبد الرحمن بن أبي بكر حين قال لمعاوية بن أبي سفيان قاطعًا كلامه؛ قال عبدالرحمن: (إِنكَ وَاللهِ لَوَددتَ أنا وكلناكَ في أمرِ ابنكَ إِلَى اللهِ، وَإنا وَالله لَا نَفْعَل؛ وَاللهِ لَتَرُدن هذَا الأمرَ -الخِلَافَة- شُورَى، أوْ لَنَفِرنها عَلَيكَ جَذَعَةَ) [تاريخ ابن خياط: ج ١ ص ٢٥٢]. • أما إذا كان الإمام إمام جور أو أمير ملك عاض، أي فيه الظلم، فإن سيف الحاكم يتحمل الدية لا محالة، ولأهل المجني عليه مطالبته بالدية أو القود، ولهم العفو، وهو غير مستساغ؛ لأنه سكوت عن حق ورضى بالظلم. • أما إذا كان الأمير كافرًا، فالجلاد منه، قال الله -عزَّ وَجَلَّ-: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: ٥١]، وقاله الله -عز وجَل-: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [التوبة: ٢٣]، وقال الله -عَز وجَل-: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الممتحنة: ٩]. اقتضى التنويه.