حكاية قولين، وكذا في الرابعة، ولم يذكر هو في الروضة طريقة قاطعة بذلك، وأما الثالثة: فالأصحُّ القطع فيها بما ذكرهُ لقوله -عليه السلام-: [فَتُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِيْنَ يَمِيْنًا](٢٠٦) جعل أيمان المدعى عليهم بعدد أيمان المدعين، والثاني: طرد القولين؛ لأن نكوله يبطل اللوث فكان كلا لوث، وقوله (خَمْسُونَ) هو خبر للمسائل الأربع المذكورة، وقوله (وَالْمَرْدُودَةُ عَلَى الْمُدَّعي) مراده إذا لم يكن ثم لوث؛ فإنه إذا كان فهي له ابتداء.
وَيَجِبُ بِالْقَسَامَةِ فِي قَتْلِ الْخَطَإِ أَوْ شِبْهِ الْعَمْدِ دِيَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ، أي مخففة في الخطأ ومغلظة في شبه العمد، وَفِي العَمْدِ عَلَى المُقْسَمِ عَلَيهِ، أي ولا قصاص لأنه -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسلَامُ- أطلق أيجاب الدِّيَةِ حيثُ قال:[إِمَّا أن يَدُواْ صَاحِبَكُمْ؛ وِإمَّا أن يُؤْذِنُواْ بِحَرْبٍ] متفق عليه (٢٠٦)، وَفِي القَدِيْمِ قِصَاصٌ، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: [أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ] أي دم قاتل صاحبكم، متفق عليه (٢٠٦)، وأجاب الأولُ: بأنا نضمن بسبب قتل صاحبكم.
وَلَوِ ادَّعَى عَمْدًا بِلَوْثٍ عَلَى ثَلَاثَةٍ فَحَضَرَ أحَدُهُمْ؛ أقسَمَ عَلَيهِ خَمْسِيْنَ وَأَخَذَ ثُلُثَ الدِّيَةِ، أي على الجديد والقديم له القصاص منه، فَإِنْ حَضَرَ آخَرُ، أي وأنكر، أقْسَمَ عَلَيهِ خَمْسِيْنَ، لأن الأيمان السابقة لم تتناول الثاني، أما إذا أقرَّ فإنه يُقْتَصُّ منه بإقراره إن كان الفتل عمدًا بشرطه ولا قسامة، وَفِي قَوْلٍ: خَمْسًا وَعِشْرِيْنَ، لأنهما لو كانا حاضرين لأَقْسَمَ القاضي خمسين عليهما جميعًا فحصة الواحد من الخمسين النصف، إنْ لَمْ يَكُن ذَكَرَهُ فى الأَيْمَانِ، وَإِلّاَ فَيَنْبَغِي الإِكْتِفَاءُ بِهَا بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْقَسَامَةِ فِي غَيْبَةِ الْمُدَّعَى عَلَيهِ وَهُوَ الأَصَحُّ، ووجه الصحة في القَسَامَةِ في الغيبة القياس على البينة، ووجه مقابله ضعف القسامة.
وَمَنِ اسْتَحَقَّ بَدَلَ الدَّمِ أقْسَمَ، أي فالسيد يقسم في قتل عبده على الأظهر الذي سلف في أول الباب، وَلَوْ مُكَاتَبٌ لِقَتْلِ عَبْدِهِ، لأنه استحق بدله، ويستعين بالقيمة