لأنه لو مات كان الأرش له فكأنه شهد لنفسه، وَبَعْدَهُ يُقْبَلُ، لانتفاء التهمة حينئذ، وَكَذَا بِمَالٍ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ في الأصَحِّ، أي شهد بمالِ لمورثه في مرض الموت، ووجه عدم القبول التهمة، ووجه مقابله: أن شهادته لا تَجِرُّ لنفسه نفعًا ولا تدفع عنه ضررًا، لأن المال إنما يثبت للمريض ثم يرثه، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَاقِلَةِ بِفِسْقِ شُهُودِ قَتْلٍ يَحْمِلُونَهُ، أي وهو الخطأ وشبه العمد؛ لأنهم يدفعون عن أنفسهم ضرر التحمل، وتقبل شهادتهم على فسق ببينة العمد وبينة الإقرار بالخطأ، لأن الدية لا تلزمهم فلا تهمة.
وَلَوْ شَهِدَ اثْنَان عَلَى اثْنَيْنِ بقَتْلِهِ فَشَهِدَا عَلَى الأوَّلَيْنِ بِقَتْلِهِ، أي في ذلك المجلس، فَإِنْ صَدَّقَ الْوَلِيُّ الَأوَّلَيْنِ حُكِمَ بِهِمَا، لسلامة شهادتهما عن التهمة وتسقط شهادة الآخرين، لأنهما صارا عَدُوَّيْنِ للأوَّلين؛ لكون الأولين شهدا عليهما بالقتل، ولأنهما يدفعان عن أنفسهما القتل، أَوِ الآخَرَيْنِ أوِ الْجَمِيْعَ أوْ كَذبَ الْجَمِيْعَ بَطَلَتَا، ووجهه في الثالثة ظاهر، وفي الثانية: أنه كَذَّبَ كلًّا منهما بتصديق الأخرى، لأن من شهد بأن القاتل الآخران اقتضت شهادتهما أن لا قاتل غيرهما، وكذلك بالعكس، وفي الأُولى: أنه بتكذيب الأولين سقطت شهادتهما، وشهادة الآخرين مردودة وإن وقعت حسبة، لأنهما صارا عدوي الأولين ومتهمين، إذا علمت ذلك فقدِ اعْتُرِضَ على تصوير المسألة: بأن الشهادة على القتل لا تسمع إلّا بعد تقديم الدعوى، ولابد في الدعوى من تعيين القاتل فكيف يسأل المدعي بعد شهادة الفريقين، وأجيب عنه بوجوه؛ أصحُّها: أن صورتها بأن يدعي القتل على اثنين ويشهد بذلك شاهدان فيبادر المشهود عليهما ويشهدان على الشاهدين بأنهما القاتلان وذلك يورث ريبة للحاكم فيراجع الولي ويسأله احتياطًا.
وَلَوْ أقَرَّ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بِعَفْوِ بَعْضٍ سَقَطَ الْقِصَاصُ، لأنه لا يتبعض، وَلَوِ اخْتَلَفَ شَاهِدَانِ فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَانٍ أَوْ آلَةٍ أو هَيئَةٍ لَغَتْ، للتناقض، وَقِيْلَ: لَوْثٌ، للاتفاق على أصل القتل، والاختلاف في الصفة ربما يكون غلطًا أو نسيانًا، وقوله (وَقِيْلَ: لَوْثٌ) صوابه: وفي قولٍ كما صرح به الرافعي.